كيف يبيت جوعان وجاره شبعان؟ وكيف يبيت مرعوب ومن حوله مؤمّنون؟ وكيف يرضى من يتقي الله في الحيوان الا يتقيه في الإنسان؟ وكيف نساعد البعيد والأقربون محرومون؟ كيف هذا يا أهل الكويت وأنتم أهل الرحمة؟
لقد كنا نسخر دوما من الدول التي امتهن بعض أفرادها «الطرارة» فنضحك فكهين بالقول «يالله لك الحمد إن ما عندنا في الكويت مثل هذوله»، لكن الواقع يقول اننا رددنا هذا الكلام من برجنا العاجي، ومنعنا أعيننا رؤية للحقيقة، فنحن وفي بلد الخير نعاقب أنفسنا ونبتلى بذنوب إخواننا من فئة البدون الذين منعت عنهم أبسط أنواع الحقوق الإنسانية، بحجة إخفاء اثباتاتهم الأصلية أو أن عليهم قيودا أمنية وما شابه ذلك، فتستمر المعاناة معهم من قبل عام 70 إلى يومنا هذا فهل يعقل ما يقولون؟
فالشيء الوحيد الذي يعقل هو أن الحكومة ماطلت أكثر مما يجب بحجة «حتى يظهر البعض إثباتاته» وأخذت معهم الصحيح والسقيم، وأما من هم عليهم قيود أمنية فنسأل: أين هي أجهزتكم الأمنية من كشف هؤلاء وحل المشكلة من أولها؟ فالخلل عندكم وليس عندهم، فهل من الحكمة والعقل أن نضيق عيشتهم وندمر إنسانيتهم بمثل هذه الحجج؟ أو يعقل أن يخفي شخص اثباتاته ويصبر على إخفائها وهو يشاهد أبناءه يموتون بسبب عدم توفر العلاج؟ هل هؤلاء بشر لا يشعرون؟ والله إنهم بشر يبكون وليس لهم حيلة، فالناس لا تريد إلا أن تعيش بكرامة ونحن لا نريد أن نتخلى عن نرجسيتنا حيث صار البعض من هؤلاء «يسترجي» الدينار حتى يوفر لابنه العلاج، الله أكبر أهذا يحدث في الكويت بلد الخير؟! أمر لا يصدق.
لقد وصلت لي رسالة من احد اخواننا البدون تجعل القلب يتفطر، فوضعت نفسي محله لأشعر بما يشعر فلم أستطع التحمل، وموجز الرسالة أضعها لكم وتصوروا حاله: «بعد التحية والسلام، انا يا استاذ من اللي ينقال لهم «بدون» ابلغ من العمر 31 سنة، قررت اني اكمل نص ديني وأتزوج وأعيش حياتي، فرزقنا الله بمولود بعد معاناة وعلاج ولكن الله ما كتب له يعيش هو والثاني، حتى جاء الحمل الثالث وولد بالشهر السابع وكتب الله له الحياة، بس عنده مشاكل صحية وتشوهات خلقية بالقلب والعظام وضعف نظر شديد، وصغر بعظام الجمجمة ومشاكل بالأعصاب وتأخر عقلي وحركي، بس رغم هذا كله كان مالي علينا حياتنا ومن هني بدت مشاكلي، وتراكمت علي الديون بسبب العلاج والاجار، حتى أثاث البيت ولما ما بقى لي شي أبيعه، فكرت وعزمت إني أبيع كليتي لكن قلت اذا لا سمح الله صار فيني شي شنو بيكون مصير زوجتي وعيالي». انتهت الرسالة ولم تنته المعاناة، فهل نفيق؟
نص سالفة: يا أهل الكويت يا أهل الرحمة، رجل يطلب الرحمة فما أنتم فاعلون؟ رجل أمامكم حملت على نفسي أن أوصل معاناته لكم، بتقارير طبية لا تقبل القسمة على اثنين، فعلى ماذا أنتم عازمون؟ هذه حالة تنتظر يد تمتد له، وكم من حالات أخرى لا نعلم عنها شيئا؟ كم وكم؟!
فإذا انقطع الخير من بني البشر، فلا خير فينا فلسنا ببشر! ودمتم يا أهل الكويت.
[email protected]
twitter@oaltahous