كنت يوما في ندوة ـ على ما أذكر ـ بعنوان «مستقبل مصر السياسي»، وكان الحاضرون يتكلمون عن مستقبل مصر بعد الثورة، ومستقبلها بوجود جماعة الإخوان المسلمين بالتحديد، والخوف يملأ أعينهم والديموقراطية ديدنهم، فأخذت الميكرفون كمشارك قائلا: «هل الإخوان المسلمون او السلفيون مصريون؟ فإذا هم كذلك، فإنه يحق لهم المشاركة وفق القواعد الدستورية المتفق عليها مادمنا نتكلم بالديموقراطية، فالدستور مرجعهم ومرجعكم، فأين الخوف إذن؟ ولكني أرى ان هذا الخوف والتهويل، هو عبارة عن نفس إقصائي وديكتاتوري برداء ديموقراطي كاذب، يردده الضعفاء دائما» انتهى كلامي، ولم تنته المشكلة.
فلقد مللنا في كل عملية انتخابية ينتصر فيها الإسلاميون في الوطن العربي، يخرج أصحاب النظريات الديموقراطية ليصيغوا ويصفصفوا الاتهامات المغرضة، فالحق يقال ان التيارات الإسلامية ـ وإن اختلفنا معها ـ هي الأكثر تضررا والأكثر محاربة من قبل الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي، فإن جاء عهدهم الآن فهو عبارة عن وقت قطف الثمر من بعد القهر والصبر، وهم يستحقون ذلك، فمنذ انتصار الإسلاميين في تركيا والمغرب والكويت وتونس وحتى في العراق، تجد بعض الليبراليين يرددون كلمة التزوير، وشراء الذمم، وجعل الدين مادة إعلامية، وأنهم غسلوا الأدمغة كأن الشعوب أغبياء، بل ويزيدون عليها ان هناك جهات خارجية هي الداعمة، وربعنا هنا يقولون الحكومة وقفت معهم، ولكن إذا انتصر الآخر فإننا لا نسمع إلا جملة واحدة «لقد انتصرت إرادة الأمة الصادقة» فأي صادقة وأي كاذبة، أنتم الأمة الصادقة والإسلاميون الأمة الكاذبة؟ إن هذا لهو الإرهاب الكلامي والفكري بعينه، فالديموقراطية أصبحت كلمات تقال تفتقر للأفعال، وما هذه التصرفات إلا دليل على انعدام الديموقراطية. لقد سمعت من أحد المتظاهرين في تونس وهو يتظاهر ضد نتائج الانتخابات بالقول: «نحن نشرب خمر، كيف سيتعامل هؤلاء معنا، هل سيمنعونها؟» الله أكبر، بركاتك يا بن علي، من أجل الخمر أشكك في اختيارات الأمة؟ ومن أجل المجون أقاتل الإسلاميين؟ إن القيم على مر العصور هي وليدة المجتمعات المحترمة، فلا تحتاج لدين يعلمها ولا لأفراد يلقنونها، بل جاء الدين ليعززها ويضع لها الإطار المقدس لعظمتها وعظمة العقل الذي أبدعها.
فالحاصل ان الديموقراطية العربية، هي ديموقراطية «بلطجية» تجاه أي فوز للجماعات الإسلامية، وقمة الديموقراطية متى ما انتصر بها الآخر.
إذن فنحن لا نستحق الديموقراطية بل نحتاج حملة توعوية تعلمنا ان من فاز وسار وفق القوانين والدستور فهو يمثل الأمة وأما من خالفها فالقضاء موجود مادمنا نردد كلمة الديموقراطية.
نص سالفة: تحية إجلال وإكبار وتقدير لوكيل وزارة الأشغال عبدالعزيز الكليب (بوعبدالرحمن) على مواقفه المشرفة التي تصفها وتتناقلها الألسن، فالأبواب عنده لا تقفل، ومن له حق لا يخذل، والقانون يطبق عنده ومقدم، فبمثل هذا الرجل فليقتد المقتدون.
للمعلمين نقول ألف ألف مبروك.
[email protected] - twitter@oaltahous