قبل أيام قليلة بعث لي صديق قبطي برسالة إلكترونية تتناول مدى مشروعية تهنئة الأقباط بميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا السلام من منظور إسلامي، لن أخوض في مضمون الرسالة ولا حجم الأسى الذي عبر عنه صديقي لقسوة العبارات التي تضمنتها الرسالة والتي تتعارض مع مبادئ التعايش السلمي.
ولحظتها رددت على صديقي برسالة أخرى بعين المحب تحمل اعتذارا ضمنيا وتهنئة من القلب له ولأسرته وللعالم المسيحي شرقا وغربا بعيد ميلاد السيد المسيح.
ما أشبه الليلة بالبارحة، ففي العام الماضي وعشية عيد الميلاد هاجم مسلحون عددا من المسيحيين أثناء خروجهم من كنيسة العذراء في نجع حمادي في مشهد دام سقط على إثره ضحايا أبرياء كل جريمتهم أنهم ذهبوا لأداء الصلاة في بيت من بيوت الله، ومن نجع حمادي إلى الإسكندرية عاد الإرهاب ليطل برأسه القبيح مع الساعات الأولى لعام 2011 ليشوه بدماء الأبرياء وجثثهم أمنيات العام الجديد وأحلام التنمية والتعايش السلمي.
السيارة المفخخة التي تم تفجيرها أمام كنيسة القديسين في حي سيدي بشر بمدينة الإسكندرية وراح ضحيتها 21 مصريا وجرح أكثر من 70 آخرين ناقوس خطر ودعوة جادة لإعادة صياغة مقومات الوحدة الوطنية، وأهم العوائق في سبيلها والضرب بيد من حديد لمواجهة العابثين بالنسيج الوطني. نحن بحاجة لتحرك سريع نستبعد فيه نظرية المؤامرة والأيادي الخارجية ونعترف بوجود مشكلة وخلل في نسيجنا الوطني ونعمل على تحديد الأسباب وخطة عمل مجتمعية لتلافيها وإلا فلن تكون سيدي بشر آخر المحطات الإرهابية وسيخرج قطار الإرهاب من الإسكندرية لأسوان أو القاهرة وغيرها من محافظات مصر. أعتقد أن منفذي العمليات الإرهابية ليسوا مصريين ولا مسلمين، ولكنهم فئة ضالة أو مضللة باعت الدين، فالإسلام دين المحبة والسلام ولكن الإشكالية الأولى تكمن فيمن يفسر الدين على هواه ويلوي الحقائق لتتسق مع فكره المريض، أما الثانية فتتمثل في عدد من الأمراض الاجتماعية التي تشكل بيئة محفزة للإرهاب مثل الجهل، الفقر والبطالة. إذا كان إخواننا الأقباط يشعرون بالغضب والأسى لمثل هذه الحوادث الإرهابية الشنعاء فإننا نشاركهم كمسلمين الشعور بالأسى أيضا ونبرأ إلى الله من مثل هذه الاعتداءات الإرهابية النكراء، وأقول للإخوة الأقباط: «صدقوني لستم أنتم المستهدف الوحيد فاليوم أنتم وغدا سيأتي علينا الدور، فالإرهاب لا يفرق».
[email protected]