القرارات التي اتخذها د.محمد مرسي ووصفتها وسائل الإعلام الحكومية بالثورية والتي كان أهمها إحالة وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان الفريق سامي عنان للتقاعد، أثارت في نفسي عددا من التساؤلات المشروعة منها: هل كان طنطاوي وعنان ومن خلفهما المجلس العسكري متورطين في جرائم فساد في عهد مبارك؟ هل كانا من رجال مبارك الأوفياء حتى بعد سجنه وإدانته؟ هل تآمرا على الثورة وسعيا جاهدين لإجهاضها؟ هل كانا يقفان حجر عثرة في طريق تحقيق المكاسب الثورية؟ هل كانا يخططان لانقلاب وشيك على الرئيس؟ هل يتحملان وحدهما مسؤولية ما حدث في سيناء على غرار مسؤولية حبيب العادلي عن أحداث كنيسة القديسين؟ هل خططا لاغتيال د.مرسي في جنازة شهداء سيناء؟
إذا صح وثبتت عليهما أي من هذه الاتهامات أو كانت السبب المباشر في إحالتهما للتقاعد بالشكل الذي أعلن عنه فسنكون أمام خطيئة كبيرة لا تغتفر للرئيس، فالمحاكمة لا التكريم، العقاب لا المكافأة، السجن وليس قلادة النيل، العزل وليس الإلحاق بمؤسسة الرئاسة برتبة مستشار، هي الأسلوب الأمثل في التعامل معهما كرمزين من رموز الفساد.
البعض يروج أن الأمر لا يعدو كونه مجرد صفقة بين الرئيس والمشير وعنان تضمن لهما خروجا آمنا على طريقة «سيب وانا اسيب» فإن كان الأمر كذلك أيضا فالمصيبة أعظم. وان كنت أرى ان ما حدث هو مجرد صراع على السلطة فلا د.محمد مرسي بطل ولا المشير رجل ضعيف، الطرفان كانا متربصين ببعضهما إلا أن د.مرسي باغتهما وضربهما في مقتل والحرب خدعة.
الحقيقة الوحيدة الثابتة هي ان جمع خيوط اللعبة السياسية في مصر من تشريع وتنفيذ في يد الرئيس ومن خلفه الجماعة هو الهدف الوحيد الذي تم إنجازه خلال الـ 40 يوما الأولى من حكم د.مرسي وبذلك يكون يوم التخلص من حكم العسكر هو البداية الحقيقية لمشروع أخونة الدولة والسيطرة على مفاصلها بتخطيط منظم بدأ بحملات تكميم الأفواه وقصف كل قلم مناوئ ينتقد الرئيس أو حزبه أو جماعته، إلا أن ما زاد الطين بلة هو نجل الرئيس، الأميركي الجنسية، الذي لا صفة رسمية له ولكنه يهدد ويتوعد كل منتقد لأبيه. يعني خلصنا من جمال وعلاء طلع لنا سي أحمد، على العموم ربنا يخلي واشرب يا شعب.
لا أعرف لماذا منح الرئيس نفسه كل الأوسمة المتعارف عليها فيما تبقى من الدولة؟ ربما بسبب رخاء العيش ورغده والتطور الذي طرأ على الاحتياجات الأساسية للمواطن، وتوافرها، أو ربما بسبب الطفرة التي طرأت على الخدمات في الدولة خلال الـ 40 يوما الماضية، أو ربما بسبب حالة التماسك واللحمة الوطنية التي شهدها المجتمع منذ توليه الرئاسة. الواضح ان الرئيس لا يعرف ان الشعب المصري يعيش في الظلام لساعات كل يوم على أنغام أغنية القديرة شادية «قوم ولعلك شمعة نورها مستنيك وبعيونه دمعة امسحها بإديك». السؤال اللي محيرني هو النور بيقطع في القصر الرئاسي ولا لأ؟
أعتقد ان معركة الرئيس القادمة ستكون مع المحكمة الدستورية وبداية غزوة «تطهير القضاء». أخشى ما أخشاه على د.مرسي هو أن يقع في فخ وقع فيه رؤساء كثيرون قبله ألا وهو الاعتماد على أهل الثقة وليس أهل الخبرة، وعليه أن يعلم أن تفتيت المؤسسات أو صبغها بلون واحد قد يؤدي لآثار عكسية لا يستطيع تحمل تبعاتها.
الخلاصة:
من أقوال مارجريت تاتشر «قد تضطر لخوض معركة ما أكثر من مرة لكي تنتصر» و«الرغبة في الفوز تولد في معظمنا ولكن إرادة الفوز مسألة تدريب أما أسلوب الفوز فمسألة شرف».
٭ إغلاق الصحف وقصف الأقلام سيرفع موجات النقد. وعلى الرئيس أن يعلم أن مصر لن تعود للوراء.. فذلك حلم بعيد المنال.
[email protected] - @osamadeyab