لم أكن يوما من المؤيدين لحكم الإخوان ولم أصوت لصالحهم في أي انتخابات جرت عقب ثورة 25 يناير ولا قبلها، وقد لا أكون مبالغا إذ أقول إنني كنت أحد الذين حذروا من مخاطر وصولهم للسلطة وأحد الذين أحزنهم رؤية مندوب جماعتهم في قصر الرئاسة، وقد أثبتت التجربة العملية فشل هذا التيار في إدارة شؤون البلاد والوصول إلى الحكم الرشيد بأخطاء وخطايا لا تخفى على القاصي والداني ومن العبث تكرار سردها.
واجتهدت وغيري من المهتمين بشأن بلدنا في إظهار بعض من تلك العيوب والمساوئ أو بالأحرى محاولة تكوين رأي عام مضاد لتيارات الإسلام السياسي بصفة عامة وجماعة الاخوان المسلمين بصفة خاصة.
ولا أخفيكم سرا أنني فرحت وهللت كما فعل المصريون جميعهم أو أغلبهم لانحياز الجيش للشرعية واستجابته السريعة لنبض الشارع الرافض لحكم الإخوان ومؤيديهم من تيارات الإسلام السياسي، وعقدنا الآمال العريضة على فترة ما بعد الإخوان علها تكون بداية العودة للمسار الصحيح إن جاز التعبير،إلا أن اختلافي الايديولوجي مع الإخوان ووقوفي مع المعسكر الآخر لا يعني أنني أوافق على تجريدهم من مصريتهم ولا حقوق المواطنة وأبسط حقوق الإنسان، كما لا يعني الموافقة على عزلهم كتيار سياسي له مؤيدوه من المصريين يجب أن تحترم خياراتهم وإرادتهم، لست في موقف المدافع عن الإخوان ولكنني أدافع عن حقوق مواطن مصري له ما لي وعليه ما علي.
كنت أحد الذين فوضوا الفريق أول عبدالفتاح السيسي في محاربة الإرهاب، إلا أن تفويضي هذا لم يكن على بياض ولا هو تفويض غير مشروط، فلا يمكن أن نقبل بإعادة إحياء القبضة الأمنية بممارساتها التي عانينا منها على مدار 60 عاما، كما لا يمكن أن نتخلى عن هوية مصر المدنية وحقنا في اختيار رئيس مدني بعد أعوام طويلة من حكم العسكر.
لا أعرف بأي طريقة يفكر المصريون ولا ما هي آلياتهم في الحكم على الأمور أو تقييم المواقف، فنحن شعب يتقن فن صناعة الفراعين، فالتاريخ أثبت أن مختلف حكام مصر من الفراعنة لم يكن لديهم أدنى فكرة أنهم آلهة ولكن كثرة تبجيل المصريين لهم هو ما جعل أحدهم يقول (أنا ربكم الأعلى)، (وهذه الأنهار تجري من تحتي)، فأجراها الله من فوقه. الحملات المختلفة التي تملأ الدنيا صخبا مثل «كمل جميلك» و«السيسي رئيسا» هي إحياء لنهج المصريين وعادتهم القديمة في صناعة الفراعين واختزال أمة قوامها ما يزيد على الـ 90 مليونا في رجل واحد.
بارقة الأمل الوحيدة هي تأكيد الفريق السيسي في أكثر من موضع أنه ليس طامعا في كرسي الرئاسة وأن تحركه كان بوازع وطني واستجابة لمطالب الشعب المشروعة.
خلاصة الكلام: أقول للفريق أول عبدالفتاح السيسي، دخلت تاريخ مصر من بابه الكبير وحفرت اسمك بين كباره وعظمائه، وفي رأيي ستخسر كثيرا إذا أقدمت على الترشح للرئاسة، لذا عليك أن تعلن سريعا، عن مبادرة شخصية للتسامح ونشر ثقافته مع من لم تلوث أيديهم بدم لنجمع شتات الأمة ونوحد كلمتها ونعيد لمجتمعنا تماسكه المفقود.
[email protected]