عذرا بنت بلدي الحبيبة مصر.. لم يعد لدينا بقية من حياء، ولا فائض من رجولة، ولا زاد من عقل، ولا نور من بصيرة، ولا وازع من دين، ولا رادع من قانون..
عذرا سيدتي.. هنت عندما هنّا جميعا واستبيح عرضك يوم فقدنا البقية الباقية من موروثنا القيمي.. اغتيلت عفتك يوم تسكع رجال الدين في اروقة السياسة.. طالتك الايدي عندما غاب دور الاسرة وغيبها الصمت الالكتروني الذي سرق لغة الحوار فيها، فما من جمعة عائلية إلا والصمت يطبق على أطرافها والكل منكفئ إما على تلفونه الذكي أو كمبيوتره اللوحي، وهذا ما حرم الأجيال الحالية من تجربة تعلم فريدة من قيم الآباء والأجداد.
عندما تشيع في المجتمع ثقافة تهين المرأة ولا ترى منها غير مظاهر أنوثتها وتتحول فنوننا الى سوق نخاسة تستغل المرأة بابتذال فمن الطبيعي ان تظهر فئة من المتحرشين والمغتصبين.
كلنا شركاء في المسؤولية.. كلنا مذنبون.. نحمل ارثا تاريخيا تفنن في إهانة المرأة وتعامل معها كوعاء للجنس.. نحمل عار التجربة وخزي الواقع.. تربينا في مجتمع ذكوري يمارس عهر التمييز ضد المرأة بأبشع صوره، فالولد « شايل عيبه» والبنت محل اتهام والمذنبة دائما. هذه الثقافة السلبية والأفكار المدمرة التي توارثناها جيلا بعد جيل تحولت بكل أسف إلى عرف هو في أغلب الأحيان أقوى من تعاليم الدين.
الفتاة التي تعرضت لاعتداء بشع من قبل متحرشين جردوها من ملابسها في ميدان التحرير عشية تنصيب السيسي كانت بمنزلة صفعة لنا جميعا وجرس إنذار وناقوس خطر يضع الاصلاح الاجتماعي وإعادة النظر في منظومة القوانين التي تكافح الظواهر الشاذة وتحافظ على السلم الاجتماعي على رأس اولويات المرحلة.
ماذا حدث لنا؟ هل هذه ثقافتنا؟ أين ذهبت القيم الاجتماعية التي طالما كنا نفاخر بها؟ الحقيقة أننا على مفترق طرق وبحاجة ماسة الى مسح علمي لكل الظواهر السلبية في مجتمعنا وإعادة النظر في مناهجنا الدراسية.. بصراحة نحن بحاجة إلى أن نتعلم الكثير عن مفاهيم الحرية.. العدالة.. المساواة.. احترام الآخر.. ثقافة الاختلاف.. تقبل الآخر المخالف في الرأي أو العقيدة أو الشكل والمظهر. أعلم أن تغيير ثقافة المجتمع عملية ليست باليسيرة وتحتاج الى وقت طويل ولكنها يجب أن تبدأ الآن إذا كانت لدينا الرغبة في التغيير.
إسراع وزارة الداخلية المصرية بالإعلان عن القبض على 7 من المشتبه بهم أمر محمود ولكن عليها ان توضح للرأي العام كيف وصلت اليهم؟ ومتى وأين تم القبض عليهم؟ بصراحة أخشى ان يكون هناك إلقاء قبض عشوائي لتهدئة الرأي العام، وكلي أمل في ان تكون لدينا تحريات حقيقية وادلة دامغة ليعدم الجناة الحقيقيون علنا في مكان فعلتهم الدنيئة.
خلاصة الكلام: الحرية هي ذلك التاج الذي يضعه الإنسان على رأسه ليصبح جديرا بإنسانيته.
٭ قال المتنبي:
وما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال.
[email protected]