«دم رخيص» هو العنوان الأكثر تطابقا لما يحدث على الساحة المصرية، فالمتابع للمشهد المصري في مختلف وسائل الإعلام يجد أن إراقة دماء الأبرياء، حرق المباني الحكومية والمرافق العامة، الاعتداء على الممتلكات الخاصة، التحرش بالنساء أو اغتصابهن، وخطف الأطفال أو الإساءة إليهم أصبحت من المشاهد العادية التي لا يتجاوز أثرها في النفوس أكثر من مدة عرضها ويتبعها فاصل من «مصمصة الشفايف» وبعدها نتحول بالريموت كنترول لمتابعة مباراة كرة قدم أو مسرحية أو فيلم كوميدي وكأن شيئا لم يكن.
دم المصريين لم يصبح دما رخيصا بين عشية وضحاها، ولكنه أتى نتاج تراكمات وتفريط رؤساء وحكومات في كرامة المصري التي تفننوا في إهدارها في الداخل قبل الخارج.
الأحداث المؤسفة التي حدثت في ذكرى فض اعتصام رابعة، والتي سالت على أثرها دماء المصريين وأتلفت بسببها المنشآت العامة والخاصة، تثير في نفسي عددا من التساؤلات المشروعة، بداية علينا أن نقر بأنها أعمال إرهابية بعيدة عن شرائع الديانات السماوية التي تحرم القتل وترويع الآمنين، ولكن ماذا عن التفويض الذي منحناه للفريق أول عبدالفتاح السيسي لمحاربة الإرهاب؟ وهل لايزال هذا التفويض ساريا؟ وما أبرز النتائج التي تحققت منذ الحصول على التفويض وإلى الآن؟ وما آليات التعامل مع الإرهاب والإرهابيين والخطط الأمنية لتطهير البؤر الإرهابية؟ ما السر في نشر صور ضحايا الإرهاب من جنود القوات المسلحة والشرطة والمدنيين في حين نسمع من المتحدث العسكري مرارا وتكرارا عن تدمير بؤر الإرهابيين وقتل واعتقال عدد منهم دون أن نرى الجثث أو نقرأ أسماء القتلى والمعتقلين؟ من المستفيد من عدم إظهار الصور أو الأسماء؟ هل تراعي وزارة الداخلية مشاعر الإرهابيين وأسرهم بعدم عرض صورهم، أم إنها أخبار للاستهلاك المحلي والتغطية على الفشل في مواجهة الإرهاب؟
إلا أن الأسئلة الأهم والتي تطرح نفسها: هل وزارة الداخلية لم تكن على علم بموعد ذكرى فض اعتصام رابعة؟ ألم تكن لديها خطة طوارئ وقائية لمواجهة أي أعمال إرهابية محتملة للحفاظ على أرواح الناس والممتلكات؟ ألم يكن الأجدر بها زيادة عدد افراد الشرطة في أقسام المناطق المتوقع التهابها وحدوث اضطرابات فيها؟
الحقيقة أننا أمام حالة من حالات التقاعس الأمني، والتي تدفع ثمنها الدولة والمواطن بخسائر في الارواح والمنشآت والممتلكات، وإذا كنا نحمل الإرهابيين المسؤولية ونصف أفعالهم بأشنع الاوصاف إلا أن الحكومة شريك مباشر في المسؤولية.. الإرهابيون يقتلوننا بالسلاح ويحرقون المنشآت بالمولتوف والحكومة تشارك بتقاعس الأجهزة الأمنية عن أداء دورها وعدم وجود خطط ناجعة لمواجهة ثلة من الخارجين على القانون استباحوا أمننا وحرماتنا وأزهقوا أرواحنا وبددوا ممتلكاتنا.
خلاصة الكلام:
قال بنجامين فرانكلين «من يضحي بحريته مقابل أمنه لا يستحق حرية ولا أمنا».
استقال وزير الداخلية في دولة اوربية لفشل أجهزة الدفاع المدني في إنقاذ قطة علقت في مدخنة أحد المباني وماتت.
دمتم بألف خير.
[email protected]