لا نعرف كيف يفكر كثير من قياديي المؤسسات الحكومية، ولا نعرف كيف يتفتق ذهنهم الصدئ عندما يعلنون عن المشاريع الاستراتيجية وهم يؤكدون انها «أي المشاريع» تحقق الغايات التي من أجلها انشئت تلك المؤسسات وهي في الحقيقة ابعد ما تكون عن الاهداف والغايات التي أنشئت من اجلها ولعل خير مثال على ذلك مشروع قسائم الكلاب الضالة الذي تتبناه هيئة الزراعة والثروة السمكية، وقد اعلنت عنه منذ شهر سبتمبر الماضي، ولاتزال تدافع عنه رغم ان المجتمع أبدى امتعاضه ورفضه لمثل هذه المشاريع التي اقل ما يقال عنها انها تستفز الأمة.
وقد نشر في الزميلة «القبس» خبر مفاده ان الهيئة العامة للزراعة والثروة الحيوانية ستوزع قسائم الكلاب الضالة، وفق شروط محددة وليست ارتجالية، أبشروا يا أهل الكويت، القسائم للكلاب الضالة! فكيف ستتم خدمة الكلاب غير الضالة؟ اعتقد أن الهيئة العامة للزراعة ستقدم فللا ذات مواصفات هندسية عالية الجودة، فيها من الترف ما لا عين رأت ولا خطر ببال أحد! واللافت للانتباه ان الخبر تصدرته صورة رئيس الهيئة وهو يبتسم لهذا الانجاز الفريد الذي قامت هيئة الزراعة بتحقيق السبق فيه، كنت أتوقع أن يصرح رئيس الهيئة بأنه قضى على ظاهرة التصحر باعتبارها اختصاصا اصيلا لهذه الهيئة، وللعلم فإن التصحر لم يكثر أوينتشر في الكويت الا بعد انشاء الهيئة وتقاعسها عن القيام بدورها المكلفة به وهو تخضير الكويت.
ونعود الى مشروع هيئة الزراعة بتوزيع قسائم لسكن الكلاب الضالة، واعوذ بالله ان نكون من الجاهلين. الكويت تمر هذه الايام بمطبات قاتلة بسبب ازمة السكن للبشر، فمجلس الامة والحكومة يسابقان الزمن لإيجاد قطعة ارض يبنى عليها سكن للمواطنين الذين يعانون الأمرين من طول الانتظار للحصول على بيت من بيوت ذوي الدخل المحدود وقد تصل فترة انتظارهم الى اكثر من 15 سنة من تاريخ تقديم الطلب.
هناك أزمة سياسية حقيقة بين مجلس الأمة والحكومة بسبب السياسة الاسكانية، بينما هيئة الزراعة تستولي على أراضي الدولة لتوزيعها سكنا للكلاب الضالة، ما معنى ذلك؟ هذا يعني ان هيئة الزراعة بتبنيها هذه المشاريع انما تريد مع سبق الاصرار والترصد إحراج سمو رئيس الحكومة الذي يجاهد بكل قوة لتوفير سكن ملائم للمواطنين، وهيئة الزراعة تسبح عكس التيار وتتباهى بأنها ستقدم سكنا خمس نجوم للكلاب الضالة!
يا سمو رئيس مجلس الوزراء، ان توفير سكن للمواطنين مشكلة كبيرة نعتبرها ام المشاكل، وقد اصبحت اولوية مطلقة بلا منازع للأمة كلها وللمجلس والحكومة.
فما الذي جرى لعقول بعض المدراء الذين أوكلت إليهم ادارة مؤسسات الدولة، هل صدأت عقولهم أو تجمدت أو تبلدت أو جنحت الى غير هدى؟
يا سمو رئيس مجلس الوزراء، ما الذي يريده مدير عام هيئة الزراعة من خلال تصريحه الشهير بشأن إيواء الكلاب الضالة، هل وصلت هيئة الزراعة الى خلق دور مفاده الاهتمام بالكلام الضالة من دون الاكتراث لحاجات البشر؟ اذا كانت الكلاب الضالة ظاهرة تؤرق هيئة الزراعة فنحن نعلم ان اهتمامكم الشخصي ينصب على تقديم خدمات افضل للمواطنين.
اننا نطالب بكبح جماح مثل هذه الهيئة حتى لا تجاهر باستفزاز الأمة وتخالف توجيهاتكم، والأسوأ من ذلك هو آخر تقليعات هيئة الزراعة، وهو ما نشر في بعض وسائل الإعلام ان الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية تدعو الشباب الكويتي لان يكونوا رعاة للكلاب! هل وصل السفه الى مثل هذه الدرجة؟! قاتل الله الجهل، وحمى أوطاننا ومواطنينا منه.