يستغل بعض تجار الكلام في الكويت حلم وسماحة النظام الحاكم في الكويت ويتحفوننا بين فينة وأخرى بخزعبلات ما أنزل الله بها من سلطان، فتارة يهمسون وتارة أخرى يقولون بصوت عال بانهم يريدون إنشاء أنظمة حزبية تتوافق مع رؤيتهم، حتى لو كان ذلك غصبا عن النظام الحاكم وغصبا عن الأمة، وتجاوزا على النظام الدستوري في الكويت، ولعل تصريح السيد مبارك الدويلة لوسائل الإعلام بأنه سينشئ حزبا سياسيا في شهر ديسمبر الجاري على أبعد مدى وهو يعلم قبل غيره ان المشرعين الأوائل للدستور قد أغلقوا الباب أمام الخوض في التجربة الحزبية لقناعتهم بان الدخول في مثل هذا النفق سيدخلنا في مسار مظلم لا يعلم نهايته إلا الله، ولا نريد أن نذهب بعيدا فتجارب بعض الدول العربية في الأنظمة الحزبية حاضرة في أذهاننا، فلم نجن من التجربة الحزبية إلا الدمار والقتل والسحل ومصادرة الحريات وإهانة كرامة الإنسان، نحن نرى ان من يريد ان ينشئ هذه الأحزاب لا يهدف للمصلحة العامة لكنه لا يريد إلا مصلحة شخصية تتمثل في السعي حثيثا للاستيلاء على السلطة التي من خلالها سيتحكم في المتغيرات الأخرى. الدويلة ليس الأول في المطالبة بمثل هذا السلوك المرفوض من قبل الأمة، فقد سبقه بعض أعضاء مجلس الأمة المبطل الذي ترأسه رئيس المجلس الأسبق احمد السعدون وتقدموا للحكومة بمشروع قانون لإنشاء هيئات سياسية، فقد عبثوا في استخدام بعض المفردات اللغوية التي يرون انها تتفق مع الدستور احتيالا، فبدلا من كلمة إنشاء أحزاب استبدلوها بكلمة هيئة بدل حزب، لماذا؟ لأنهم يعلمون ان الدستور الذي يتبجحون بحمايته قولا وليس فعلا يتعارض مع غاياتهم في إنشاء الأحزاب.
من أراد أن يفسد العقد الذي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم (الدستور) فليبدأ أولا بفكرة تعديل مواد الدستور ثم يقنع الأمة بأن غايته الصالح العام.
من أراد تغيير الحياة السياسية في الكويت فعليه ان يعدل بعض مواد الدستور، ونحن نعلم انه لا يمكن تعديل مادة واحدة في الدستور دون توافق بين مجلس الأمة وصاحب السمو الأمير من حيث المبدأ وهو أمر بدونه لا يمكن بحث موضوع تعديل دستور الكويت، حيث انه من الدساتير الجامدة والذي تطول إجراءات تعديله، محاولة البعض إنشاء كيانات حزبية تفرض علينا طرح التساؤل التالي: كيف نثق فيمن يسعى الى تجاوز الدستور وتضليل الأمة ويدعي ان النظام الحزبي في الكويت ينظم الفوضى في جميع المجالات والشر كل الشر فيما يسعون إليه، حيث يحاولون تطويع مواد الدستور زورا وبهتانا ليخدم غاياتهم ويتفق مع هواهم الحزبي المستورد ويتجرأون على تزوير إرادة الأمة.
فهل بالإمكان أن يكرمونا بعدم الخوض في هكذا نشوز؟!