القمة العربية ـ الأفريقية الثالثة التي عقدت في الكويت في 19 و20 نوفمبر الماضي تعتبر ذات أهمية كبيرة، حيث بدأت تأخذ العلاقات العربية ـ الأفريقية الشكل الأكثر انتظاما واتساقا وتحقيقا للمصالح المشتركة، فإذا عرفنا أن القمة الأولى عقدت عام 1977 في القاهرة، وتلتها القمة الثانية عام 2010 في سرت بليبيا، لنجد أن الفارق الزمني الكبير بين القمتين الأولى والثانية يعتبر إشارة إلى شبه القطيعة بين الدول العربية والدول الافريقية إلا ما كان بجهد وتقارب فردي غير عام.
وأتت قمة الكويت لوضع العلاقات العربية ـ الافريقية في اطارها الصحيح من التقارب والانفتاح على العمق الافريقي المهم الذي بات اليوم ميدان تنافس عالمي.
ففي الوقت الذي تعقد فيه قمة أفريقية ـ لاتينية وأخرى افريقية ـ اوروبية، فإن التوجه نحو التقارب مع افريقيا وبشكل منتظم يعطي زخما مهما في هذا الاتجاه.
فأفريقيا اليوم ليست أفريقيا الأمس، فصورة افريقيا المجاعات والتخلف والانغلاق والأمية ذهبت الى غير رجعة، والعالم اليوم ينظر الى افريقيا الثروات المعدنية والزراعية والحيوانية والطاقة المتجددة ووفرة المياه الى جانب الاراضي الخصبة، اذن افريقيا اليوم تمثل سوقا استثماريا حيويا في عالمنا.
وإذا نظرنا الى شعار قمة الكويت المتمثل بـ «شركاء في التنمية والاستثمار» نستطيع أن نحدد المنحى الذي سلكته القمة، وهذا واضح بجلاء في قراراتها المدونة في البيان الختامي.
حيث ركزت القمة بقراراتها على الاستثمار في مجال الزراعة والأمن الغذائي بالإضافة إلى التركيز على المشاريع التنموية، بدلا من إعطاء الهبات والمنح التي لا تعود بالتنمية الحقيقية على الطرفين لا سيما إذا علمنا بالمبادرة السخية من قبل الدولة المضيفة للقمة لتمويل مشروعات التنمية في أفريقيا من خلال الصندوق الكويتي للتنمية بما يقارب ملياري دولار.
الانطباعات المبدئية والدراسات الاقتصادية تؤكد بمؤشراتها الإيجابية نحو نجاح هذه المشروعات وذلك لكثرة الأيدي العاملة الأفريقية وقلة تكلفتها وكثرة مجالات الاستثمار وبخاصة الزراعية منها والطاقة البديلة، وهذا من شأنه زيادة نسبة التبادل التجاري بين الدول العربية والأفريقية جنوب الصحراء التي تعاني من تدن واضح وملحوظ حيث لم تتجاوز في الفترة السابقة 25 مليار دولار.
للقارة الأفريقية في جنوب الصحراء أهمية كبيرة وهي تمثل العمق الإسلامي للدول العربية من خلال الأقليات الإسلامية في دولها المختلفة وهذا يعطي مزيدا من عوامل نجاح الاستثمار الاقتصادي الذي يوازيه الاستثمار الدعوي والذي تعمل به الحكومات والمؤسسات الدعوية الخليجية، وهذا يعطي فرصة قوية لزيادته وتفعيله.
عقدت القمة وخرج بيانها الختامي بقرارات مهمة وبمشاركة واسعة بلغت (71) دولة ومنظمة عربية وإقليمية ودولية، وبقي التطبيق والعمل، فالمؤتمرات هي البداية وليست كل شيء.