هذا التساؤل هو أكثر ما يطرحه المواطن العربي على نفسه إذا لم يصل إلى أي مسؤول عربي صانع للقرار يطرحه عليه، ومنه تتشعب الأفكار وتتعدد التحليلات وتكثر الإجابات، ومع كثرتها قد لا يخرج بجواب كامل مقنع لهذا التساؤل البسيط والمشروع.
من حق المواطن العربي الذي يعيش في هذه المنطقة المهمة من العالم أن يطرح هذا التساؤل برسم الخوف على مستقبله، هذا المستقبل الذي من المفترض أنه سيكون أفضل من يومه الذي هو فيه، ولكنه باستشعاره الخطر يدرك أن مستقبل منطقته بات في مهب الريح.
أقول ذلك للشعور المشترك لجميع شعوب الدول العربية التي باتت على قناعة كاملة بأن مصيرها واحد، لأن ما يتهددها اليوم أخطار واحدة، فلا محيد عن الشعور بالمصير المشترك عندنا جميعا، ان عموم المجتمعات العربية لم تدرس علم السياسة ولا تخرجت في أشهر الجامعات حتى تصل إلى هذه النتيجة، بل تعلمتها من تجربتها في حياتها ومن توارث خبرات الآباء والأجداد.
الشعوب العربية اليوم تدرك أن أخطار التعصب الطائفي هي أكبر ما يتهددها اليوم، وأنها التي تصب الزيت على نار الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، بعد أن نجح النظام السوري في نقل الصراع من الصراع السياسي إلى مربع الصراع الطائفي، بمساعدة حلفائه الإيرانيين وحزب الله.
لكن التعصب السني بأبهى حلله يتمثل في الرأس الجديد الذي نبت أو أنبت بالمنطقة العربية وهو تنظيم «داعش» الذي يكفر كل ما سواه سواء كان شيعيا أو سنيا حتى.
أنا أعتقد انه من الطبيعي ان تخرج علينا هذه الأفكار وتجد لها رواجا في مجتمعاتنا، والسبب أننا حاربنا وضيقنا على أصحاب الأصوات المعتدلة ذات الطابع السلمي التي تبتعد كل البعد عن تكفير المجتمعات، وحطمنا صورتها بأيدينا، مع أنها هي التي ترشد الفكر تسد علينا باب التعصب والتطرف.
لكن بالوقت نفسه هناك أطراف جاءت من خارج المنطقة لتلعب دور المحرض الذي يشجع كلا الطرفين السني والشيعي على الوصول إلى النقطة الحرجة بإشعال الحرب الطائفية، مستفيدة من تهور الطرف الشيعي الذي بات يظن نفسه بأنه يملك من الأدوات ما يؤهله للعب الدور المحوري الذي يحدد شكل المنطقة ويتحكم في مستقبلها، هذا التهور غير المحسوب هو الذي يقنع الطرف السني بأن الحرب على الأساس الطائفي حتمية لا بد منها.
وأنا أعتقد أن الواجب على صانع القرار العربي أن يمتنع عن المشاركة أو المساهمة في أي جهد يدفع بهذا الاتجاه حتى يقف كل طرف على حدود واضحة المعالم يتم على أساسها حلحلة مشكلات المنطقة برمتها دفعة واحدة، لأنها بالأساس مترابطة إن لم يكن عضويا فموضوعيا، ولا يجب تفكيك المشكلات أو العمل على ترحيلها من خلال انتهاج أسلوب تفريق الصفقات، لأن المصالح لا تجزأ.
بالمحصلة فإن السكوت أو التهاون لما يجري بالمنطقة اأو حصره بمشكلة واحدة سيدخلنا بنفق الحرب الطائفية المظلم الذي يتضرر منه جميع شعوب المنطقة هم دون غيرهم.
[email protected]