جرائم أمن الدولة الخارجية هي جرائم الاعتداء على استقلال الدولة أو سيادتها أو الاضرار بالمصالح الجوهرية للدولة، والخيانة والجاسوسية هما وجهان لعملة واحدة فهما يقصد بهما قيام الجاني بالبحث والاستقصاء للحصول على سر ليس موجودا لديه وتسليمه هذا السر الى دولة اجنبية مدفوعا بقصد الرغبة في ايذاء الدولة والحصول على منفعة مادية دون فارق ما اذا كان الجاني من مواطني الدولة أو اجنبيا عنها، وبمعنى آخر هو سعي الجاني أيا كان بحيث يشمل ما اذا كان الجاني هو البادئ بالسعي لدى الدولة الاجنبية أو كانت هي البادئة فاستجاب لها الجاني وجاراها فيه ولا عبرة بتمامه بلغة معينة أو بالشفرة، وما دعاني الى سردي ما سلف هو الكشف عن شبكة ارهابية تعمل بالتجسس لمصلحة الحرس الثوري الايراني، فقد نجت قوات الأمن الكويتية بما لها من بصيرة ورؤية في ضبط شبكة التجسس الايرانية المكونة من خمسة أفراد أحدهم وطني الجنسية (كويتي) والآخرون ايرانيون وتم القبض على ثلاثة أفراد من هذه الشبكة ومازال الآخران متواريين عن الأنظار وبإخضاع المقبوض عليهم من افراد الشبكة للتحقيقات اعترفوا بأنهم جندوا من خلال شعبة الاستخبارات في السفارة الايرانية في الكويت، وذلك بهدف القيام بتصوير المعسكرات الاميركية وتحديد أوقات سير الارتال العسكرية، وذلك مقابل عطية مادية تتراوح بين 5 و10 آلاف دينار ومن ضمن اعترافات افراد الخلية الجاسوسية ان الاستخبارات الايرانية اتبعت معهم أساليب غير اخلاقية وقد تؤدي الى انكشاف امرهم ان لم ينفذوا التعليمات الصادرة لهم ومن ضمن تلك الاساليب مطالبتهم بكتابة تقارير عن محتويات المعسكرات الاميركية، كما انهم اعترفوا بحصولهم على تمويل من الحرس الثوري الايراني، وقد تم رصد تحركات تلك الشبكة وأفرادها من قبل جهاز الاستخبارات والأمن في الجيش الكويتي، وتم القبض عليهم تلك هي الواقعة التي تفرض نفسها على الساحة السياسية في دولتنا، وأقول ان ما فعله هؤلاء الخونة في دولتنا ما هو الا تهديد لأمنها واستقرارها، لقد سعت الاستخبارات الايرانية الى ضرب اقتصاد بلادنا وتمزيق أوصال شعبنا واشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في ارجائها وقد سلكت في ذلك طريقة الجريمة والارهاب لتهديد الأمن القومي الكويتي، لذا فإن المشرع الكويتي وقف وقفة حاسمة لكل من تسول له نفسه المساس بأمن الكويت واستقرارها، فقد أفرد في القانون رقم 31 لسنة 1970 الخاص بأمن الدولة في مادته رقم 1 عقوبة الاعدام في فقرته (أ) لكل من يرتكب عمدا فعلا يؤدي الى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها كما أفرد في مادته 5 لكل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ ولو بالواسطة من دولة اجنبية أو من احد ممن يعملون لمصلحتها نقودا أو أي منفعة اخرى بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية للبلاد، وأفرد له عقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وسرد في المادة 17 والتي أفرد المشرع لها عقوبة الاعدام لكل من سلم لدولة أجنبية أو لأحد من يعملون لمصلحتها أو أفشى اليها أو اليه بأي صورة وعلى أي وجه وبأي وسيلة سرا من أسرار الدفاع عن البلاد أو توصل الى الحصول على هذا السر بقصد تسليمه أو إفشائه للدولة الأجنبية، ولا شك ان افراد تلك الشبكة الجاسوسية قد ارتكبوا كل تلك الجرائم التي انتظمها سلوك اجرامي واحد، وهو ما يعني معاقبتهم بعقوبة الجريمة الاشد وهي الاعدام عملا بالمادة 84 من قانون الجزاء، وأقول قبل نهاية حديثي انه يجب على ايران ان تعلم أن أمن الكويت خط أحمر سيهلك كل من يقترب منه أو يحاول المساس به، وان اجهزة الأمن الكويتية وجيشها يقظان لكل المحاولات الداخلية والخارجية، وان كفاءتهما العالية واستعدادهما التام هما الحصن الحصين لجبهتنا الداخلية، وان الكويت بكل قواها وقياداتها السياسية ترفض الجريمة والارهاب والعبث بأمن الدولة وعلى الجهات الايرانية بمختلف مسمياتها ان تعي الدرس تماما وتحاول حفظ ماء وجهها ان استطاعت بعدما كشفت اعترافات المتهمين من فضائحها مكرها، كما ان على ايران ان تعلم ان جميع الكويتيين متحدون ومتفقون في القضايا القومية، وان الكويت دولة لا يسمح العبث بأمنها أيا كان مصدره، ولتبقى الكويت قلب الخليج النابض ومركز ثقل الخليج العربي وكنانته عصية على كل محاولات النيل منها وفي النهاية لا يسعني الا ان أوجه الشكر لأجهزة الأمن لضبط تلك الخلية الارهابية التي كان هدفها ضرب الاستقرار الأمني في البلاد وزعزعته.