تنوعت أساليب الغش التجاري حتى وصلت الى أبعد ما يتصوره الانسان، حيث وصلت الى اعظم وأطهر ماء في الوجود ألا وهو ماء زمزم، فقد استغله بعض ضعاف النفوس من الباعة خلال الآونة الاخيرة من اجل التكسب المادي دون مراعاة قدسيته وعظمته لدى المسلمين، ضاربين في الوقت نفسه عرض الحائط بصحة وحياة من يقبل عليه من المواطنين والوافدين على ارض الكويت، وهؤلاء المجرمون لا يبالون بما قد يصيب المستهلكين من امراض جراء تناولهم وشربهم هذا الماء الذي يأتون به ويعبئونه في علب غير مطابقة للشروط الصحية والقياسية المطلوبة، ويعد ما يفعله هؤلاء التجار والباعة صورة سوداء وقاتمة من صور خيانة الامانة والمصداقية فيما يبيعونه للمواطن والوافد على حد سواء طامعين في الربح السريع المحرم غير عابئين بأن حياة المسلم الوطني والمقيم خط احمر لا نسمح بتجاوزه نهائيا، ولعل ما سردته يلقي بظلاله على قرأته من ضبط احد التجار لديه عبوات يقوم بوضع ماء زمزم فيها بعد ان يشتريها من الحملات الخاصة لرحلات مناسك العمرة ثم يقوم بنقل ما بها من مياه دون معرفة ما اذا كان المشترى ماء زمزم من عدمه، ثم يضعه في عبوات صغيرة الحجم ثم يحكم إغلاق تلك العبوات بغطاء اشتراه من السوق ويضع عليها ملصقات مكتوب عليها «ماء زمزم» ويقوم ببيعها، وبعرض تلك المياه على مختبرات وزارة الصحة تبين عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي لوجود ميكروبات ضارة بها كل ذلك فعله البائع والتجار لكسب المال الحرام غير عابئ بصحة من يقوم بتناوله، وأقول ان المشرع الكويتي لم يقف حيال هذا الامر بل عالجه وأفرد لهذا الغش القانون رقم 62/2007 في شأن قمع الغش في المعاملات التجارية، ونص في مادته رقم 2 في فقرتها رقم 1 «كل من غش او حاز بالذات او بالواسطة او عرض شيئا معدا للبيع من جميع السلع سواء من أغذية الانسان او الحيوان او طرح او عرض للبيع او باع شيئا من المواد مع علمه بغشها وفسادها»، فلا شك ان التاجر والبائع لماء زمزم يعلم انه غير صالح للاستهلاك الآدمي بوضعه في عبوات بلاستيكية عليها غطاء غير معقم وذلك للربح السريع مع علمه بفسادها وإضراراها بصحة الانسان، الامر الذي جعل المشرع يعاقب على ذلك الفعل بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، ولم يقف المشرع في تجريمه لهذا الغش عند هذا الحد بل أورد في مادته رقم 7 الحكم بغلق المحل الذي تباع فيه مدة لا تزيد على ستة اشهر في حال مخالفة المادة رقم 2 والسالف ذكرها، فضلا عن مصادرة الاوعية المضبوطة والتي تم وضع المياه فيها، وحسنا فعل المشرع في المادة 7 في فقرتها الثانية بان يجوز للمحكمة في حالة مخالفة المادة 2 وهي الخاصة بغش الاغذية أن تأمر بإبعاد المحكوم عليه الاجنبي عن البلاد وذلك بعد تنفيذه للعقوبة المحكوم بها عليه، فضلا عن نشر الحكم على نفقته، كل ذلك حتى يسد الباب لمن تسول له نفسه اللعب بأقدار الشعب والاضرار بصحته، هادفا من ذلك الثراء والربح السريع دون اهتمام بصحة الآخرين، ولا يسعني في النهاية الا ان اتوجه بالشكر والامتنان لرجال وزارة التجارة والصناعة ـ ادارة الرقابة التجارية على يقظتهم المستمرة في كشف الجريمة قبل تفاقمها وانتشارها في البلاد وما ينتج عن هذا من آثار سيئة على البلاد وصحة الانسان عموما.
[email protected]