لاشك أننا نمر هذه الأيام بفترة الامتحانات الخاصة بأبنائنا، وهذه الفترة تتطلب منهم السهر ليلا لمراجعة واستذكار دروسهم والتركيز في بعض المواضيع الهامة التي من الممكن أن تكون مثارا لأسئلة الامتحان إلا أن مراجعة تلك الدروس من جانب أبنائنا تقتضي منا كأسرة ان يكون هؤلاء الأبناء تحت أعيننا فضلا عن إمدادهم بالنصح والمشورة ومد يد العون في تلك الفترة من الفترات، وإمدادهم بالغذاء المناسب ليمكنهم من مواصلة استذكار دروسهم وتجنبهم الشد العصبي.
ولعل ما جعلني أسرد تلك المقدمة ما قرأته في احدى الصحف اليومية من تمكن رجال الجمارك من احباط محاولات تجار المخدرات إدخال سمومهم للبلاد، حيث ضبط وافد حاول تهريب (7650) حبة كبتي عبر منفذ العبدلي بعد أن أخفاها أسفل (جير الشاحنة التي يقودها) وأحبطت تلك المحاولة من جانب رجال الجمارك، وكانت بناء على تحريات مكتب البحث والتحري في الجمارك التي دلت على قرب وصول شاحنة بها حبوب مـخـدر (كـبـتي)، وبمراقبة الشاحنة القادمة من العراق حتى وصلت المنفذ يقودها وافد، شك مفتش الجمارك فيه وطلب منه الترجل وبعد بحث دقيق اكـتـشـفت شاحنة الحبوب وهي موجودة أسفل (الجير) فـتـم إخـراجها وبالتحقيق مع ذلك السائق اعترف بشـرائها من تاجر مخدرات عراقي لـتـرويجها في الكويت لأبنائنا الطلاب أيام الامتحـانـات، كونها مطلوبة في الوقت الحاضر (وقت الامتحانات والاسـتذكار) وتمت إحالة الوافد (السائق) لجهة الاختصاص لاتخاذ شؤونها.
تلك هي الواقعة التي تلقي بظلالها في هذه الأيام ونحن على عتبة امتحانات أبنائنا، فنحن الآن أمام استعمار تخريبي لعقلية أبنائنا بمثل تلك الحبوب، وهذا الاستعمار يأتي من أشخاص هدفهم تدمير عقلية أبنائنا وإصابتهم بهوس فكري يجعلهم مدمني تلك المؤثرات بعد تناولها. صحيح أنها ستكون في بدايتها تجعل الطالب ساهرا لاستذكار دروسه كلها لكن بعد فترة تجعله كالمدمن لا يستطيع الإقلاع عنها فيتناولها باستمرار، مما يهدد حياته ومستقبله فيما بعد ويصيبه بالهوس والوسواس والامراض العقلية المختلفة.
لذا لابد أن نعالج تلك الظاهرة بمنظار قانوني حتى يعلم من يحاول الإقبال على تلك المؤثرات بخطورتها مستقبلا، بل وقبل أن يتناولها، فالمشرع الكويتي أفرد القانون رقم 48 لسنة 1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، ففي المادة 17 منه حظر القانون الاتجار في مواد المؤثرات العقلية ومستحضراتها إلا بعد الحصول على ترخيص من الوزير، كما انه لا يرخص بالاتجار في تلك المؤثرات عملا بالمادة 19 إلا في الصيدلية أو مصنع أدوية ولا يجوز لمديري المحال المرخص لهم بالاتجار في مواد المؤثرات العقلية ان يبيعوها أو يسلموها أو يتنازلوا عنها إلا للأشخاص المشار إليهم في المادة (5) من ذات القانون وهم وكلاء شركة الأدوية ومديرو المؤسسات العلاجية والجهات الحكومية والمؤسسات العلمية المعترف بها.
وبلا شك فان السائق المضبوط ليس من ضمن من شملهم القانون بحيازة او الاتجار في تلك المؤثرات العقلية، الأمر الذي جعل المشرع الكويتي يجرم كل من حاز او باع مواد المؤثرات العقلية وكان ذلك بقصد الاتجار فيها، وأفرد لها المشرع عقوبة في مادته 38 بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات ويجوز عملا بالمادة 39 للمحكمة ان تبعد المحكوم عليه الأجنبي عن الكويت، كما يحكم بمصادرة وسائل النقل المضبوطة والتي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة (مصادرة الشاحنة) التي ضبطت فيها البضاعة.
وحسنا فعل المشرع الكويتي حين أجاز للنائب العام أن يأذن بتسليم تلك المواد أو المستحضرات إلى أية جهة حكومية للانتفاع بها في الأغراض العلاجية أو الصناعية أو الفعلية، وذلك بالاتفاق مع الوزارة عملا بالمادة 50 فقرة 2 من القانون المشار إليه.
وفي النهاية، أتوجه بالشكر الى جميع رجال الجمارك وفي جميع المنافذ على حرصهم في تتبع المخدرات والمؤثرات العقلية التي تدمر شبابنا وأبناءنا وعقولهم، فهم رجال المستقبل، لذا يجب ان يتعاون الجميع على إيجادهم أصحاء وأقوياء.