الجريمة هي سلوك انساني يحدث في المجتمع اضطرابا، هذا الاضطراب قد يكون فعلا او امتناعا يخرق قواعد «الضبط الاجتماعي» أي القانون، وصاحب هذا الفعل والامتناع هو الإنسان، انه الفرد الذي يسلك مسلكا لا اجتماعيا أو أخلاقيا بارتكاب جرم يعاقب عليه القانون، فهو الإنسان الخارج عن قواعد الضبط الاجتماعي وسلوكيات الدولة المتواجد فيها، ـ وبما أن المجتمع يتطور دوما فإن تطوره وتغيره أدى إلى تغيير في طبيعة الجريمة وذلك تبعا لتغير تركيبة السكان وتغير الزمان ـ إلا أن المتتبع للجرائم المرتكبة يستبين ظهور أنماط جديدة من الجرائم أصبحت دخيلة على مجتمعنا، وذلك نتيجة دخول أجناس مختلفة من الوافدين للعمل بالبلاد فبعضهم يستبيحون ارتكاب الجريمة للحصول على الربح السريع الفوري حتى ولو كان ذلك على حساب حياة الآخرين، وهو الأمر الذي أوقعهم في براثن الجريمة، ومن متابعتي لهذه الأحداث ورصدي لأنماط الجرائم خاصة الجديدة والغريبة أدهشني من ذلك ما قرأته في «الأنباء» بداية الأسبوع الجاري من أن معلومات وردت إلى مدير مباحث مبارك الكبير ومساعده مفادها ان وافدا بنغاليا يستغل شقته في المهبولة حيث تتردد عليه الآسيويات اللاتي حملن سفاحا جراء عملهن في البيوت المشبوهة، وتضمنت المعلومات أن الوافد الآسيوي حول شقته إلى ما يشبه عيادة طبية بها الأدوية وأدوات الجراحة ويتعامل مع زبائنه كما لو كان فعلا طبيب أمراض نساء وولادة.
وبحسب الخبر الذي نشرته «الأنباء» فانه تم رصد الوافد بإرسال مصدر سري له عبارة عن وافدة آسيوية بحاجتها الشديدة لإجراء عملية إجهاض، وأفاد المصدر بأن الوافد البنغالي ابتلع الطعم وطلب من الوافدة الحضور لشقته في المهبولة لإجراء عملية الإجهاض لها وما ان دخلت الوافدة شقته حتى داهم رجال المباحث هذا الوكر.
وبمواجهة الوافد اعترف بأنه سبق أن أجرى 8 عمليات إجهاض وأنه كان يتقاضى في العملية الواحدة ما بين 150 و250 دينارا واعترف بأن عمله الأساسي «خياط» في الفترة الصباحية ويعمل طبيبا في الفترة المسائية، فتم اقتياده للتحقيق معه.
تلك هي الواقعة التي وصلت بالآسيوي إلى حد العبث بأرواح البشر، وأما ما سبب إتيان المتهم لهذه الأفعال؟ فالإجابة هي البحث عن الكسب الحرام والسريع.
وفي البحث عن التأصيل القانوني لهذه الواقعة المليئة بالجرائم المرتكبة، فقانون الجزاء الكويتي في مادته 231 من قانون الجزاء ـ يعد نصبا كل تدليس قصد به فاعله إيقاع شخص في الغلط، ويعد تدليسا استعمال طرق احتيالية من شأنها اتخاذ كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة ـ فلا شك ان المتهم (البنغالي) انتحل صفة طبيب أمراض نساء وتمكن بهذا الغش والتدليس من إيهام فرائسه من السيدات اللاتي حملن سفاحا من امتهانه لمهنة طبيب أمراض نساء وتمكن من الاستيلاء على أموالهن بعد اجرائه العمليات لهن وهو الأمر المعاقب عليه بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات فضلا عن مخالفته لنص المادة 16 من القانون 25 لسنة 1981 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري دون الحصول على ترخيص من وزارة الصحة فضلا عن فتح شقته كعيادة دون موافقة لجنة التراخيص الطبية والصادر بتشكيلها قرار من وزير الصحة عملا بالمادة 17 من ذات القانون ـ وفي حالة مخالفة المادتين كما فعل المتهم الوافد يعاقب بالمادة 38 من القانون سالف الذكر بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات فضلا عن الحكم بغلق المحل والشقة التي فتحها كعيادة لممارسة عملة ـ كذلك لم يقف القانون الجزائي عند هذا الحد بل أفرد عقابا بالمادة 133 من قانون الجزاء والتي تنص على «كل من علم بوقوع جناية أو جنحة، وأعان الجاني على الفرار من وجه القضاء، إما بإيواء الجاني أو إخفاء أدلة الجريمة يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة» ـ فلا شك أن المتهم علم بحمل تلك الآسيويات سفاحا من عملهن بالمنازل ولم يقم بالإبلاغ عن تلك الجرائم، الأمر الذي استحق عقابا عن تلك الجريمة بل وعمل على إعانة الآسيويات على الفرار من وجه العدالة وعدم الإبلاغ عنهن ـ وحسنا فعل المشرع بنصه في المادة 79/2 من قانون الجزاء ـ كل حكم بالحبس على أجنبي يجيز للقاضي أن يأمر بإبعاده عن البلاد متى كانت تلك الجريمة مخلة بالشرف والأمانة وهو حكم وجوبي يتعين على القاضي النطق به.
وفي النهاية كلما سرنا في الحياة وتطورنا وعشنا ودققنا رأينا أنواعا وألوانا جديدة للجرائم تتكون وتتلون حسب الطلب والحاجة.