لاشك أن وجود الخادمات في بيوتنا لتربية اولادنا ومراعاتهم اصبح من الضروريات اللازمة الآن وذلك لانشغال الاب والام في أعمالهما في اوقات النهار ـ الا ان هؤلاء الخادمات بدلا من صون وسيلة العيش المناسبة والمحافظة عليها ومراعاة الاولاد الذين تركوا أمانة في ايديهن رحن يعبثن بتلك الامانة بالتعدي عليها ضربا او غير ذلك واحداث جروح وآلام بها خائنين بذلك الامانة الملقاة على عاتقهن رغم أن لقمة عيشهن من هذه المنازل التي يعملن بها ـ والذي جعلني اسرد تلك المقدمة ـ ما قرأته وأعلمه من تعديات وعنف مرتكب منهن آخره ما قرأته في إحدى الصحف المحلية ـ من ان احدى المواطنات ضبطت خادمتها الاندونيسية بجرم الاعتداء بالضرب على اطفالها الثلاثة والتي تتراوح اعمارهم بين (3، 5، 7 سنوات) وذلك بعد ان استعانت بكاميرا مراقبة صغيرة قامت بزرعها في غرف اطفالها لتوثق حادثة الاعتداء على أطفالها بالصوت والصورة وتقدمها لرجال الامن.
والذي دفع المواطنة إلى ذلك كثرة شكوى اولادها من معاملة الخادمة لهم وتعديها عليهم ضربا باستعمال «عصا غليظة» وعندما نهرت الخادمة على فعلتها كانت دائما ما تنفى الاعتداء منها على أولاد كفيلتها (صاحبة المنزل) وهو ما دعا المواطنة لزرع تلك الكاميرات بغرف نوم أولادها وعقب عودتها من عملها بعد زرعها تلك الكاميرات فوجئت بأن الخادمة كانت تقوم بحبسهم في الغرفة وتعود اليهم بعد كل ربع ساعة وعندما تشاهدهم يلعبون توسعهم ضربا بالعصا على باطن قدميهم ثم توقفهم عقابا امام الحائط ثم تغادر المكان ثم تعود اليهم بعد ربع او نصف ساعة لتمارس عليهم شتى انواع الضرب الذي كان لا يترك أثارا بأجساد أولادها ـ فتوجهت للإبلاغ عن الواقعة بعد ان زودت رجال المباحث بتلك الأشرطة.
وعقب مشاهدتهم لهذه اللقطات عبر الفيديو تم القبض على الخادمة وبمواجهتها بالأشرطة اعترفت بجرمها ضد الأطفال الثلاثة ولكن لم تكتف الشرطة بذلك بل استدعت الأطفال الذين أدلوا بأقوالهم وبالاعتداء الحاصل لهم ـ تلك هي الواقعة التي قرأتها.... وتساءلت ـ أترضى الخادمة ان يفعل ذلك بأولادها... أم أن ذلك مرض نفسي يلحق بتلك الخادمة... أم ان ذلك من قبيل الحقد والكراهية لهؤلاء الأولاد الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا فريسة لهذه الخادمة غير الأمينة عليهم وعلى رزقها الذي تتكسب منه – إلا أننا قبل ان اناقش الموضوع بمنظار قانوني يجب ان ننادى بإنشاء حضانات ومقار يوضع فيها مثل هؤلاء الأولاد في وقت عمل آبائهم ولتكن جمعية تربوية فيها من الموظفين المؤهلين علميا لرعاية هؤلاء الأبناء بدلا من تركهم فريسة لهؤلاء الخادمات اللاتي كثر إجرامهن على مستوى البلاد ـ ولا شك ان المشرع الجنائي في قانون الجزاء عالج هذه الواقعة بنصه في المادة 163 جزاء «كل من ارتكب فعل تعد خفيف، لا يبلغ في جسامته مبلغ الأفعال المنصوص عليها ـ يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة اشهر» ـ وهذا يعني انه رغم عدم وجود إصابات بالأولاد ألا أن هناك تعديا وقع من الخادمة عليهم إلا أن هذا التعدي لم يبلغ جسامة باحداث الآلام ببدنهم في أجسادهم ـ فضلا على ان المشرع أورد نصا آخر هو نص المادة 166 جزاء والذي نص على ان «كل شخص يلزمه القانون برعاية شخص آخر عاجز عن ان يحصل لنفسه على ضرورات الحياة، بسبب سنه او مرضه او اختلال عقله او تقييد حريته، سواء نشأ الالتزام عن نص القانون مباشر او عن فعل مشروع او غير مشروع، فامتنع عمدا عن القيام بالتزامه وافضى ذلك إلى وفاة المجني عليه او إلى إصابته بأذى يعاقب حسب قصد الجاني وجسامة الإصابات» ـ فلا شك أن الخادمة يلزمها القانون برعاية هؤلاء الأطفال الثلاثة وأنهم في حاجة إلى من يعينهم ويحافظ عليهم وذلك بموجب عقد العمل بين الخادمة وكفيلتها إلا أنها امتنعت عن القيام بذلك وألحقت بهم أذى غير جسيم بتعديها عليهم ضربا باستعمال أداة (عصا غليظة) الأمر الذي أخضعها المشرع للعقاب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر عملا بالمادة 163 من قانون الجزاء.
وأقول في النهاية ان أولادنا أمانة في أعناقنا يجب علينا ان نحافظ عليهم وان نحسن اختيار المربيات لهم وان ننتقي منهن المتعلمات ذوات الخبرة في كيفية معاملة أطفالنا بدلا من ان نتركهم (الأولاد) فريسة لبعض الخادمات اللاتي بدلا من صونهم للقمة العيش رحن يغتلن براءة أطفالنا بالتعدي عليهم ضربا وسبا.
ان لم يكن شيء آخر اكبر ولهذا فأنا ادعو الجميع لرقابة ومتابعة هؤلاء مهما اظهرن امامنا من الامانة والخلق والالتزام.. لأن الوقاية خير من العلاج.