لما كان عقد الزواج من أهم العقود في حياة الإنسان وأعزها شأنا وأرفعها مكانة، كان لابد لمن أرادا التزوّج أن يكون كل منهما على بينه من صفات صاحبه الخُلقية والخِلقية قبل أن يرتبطا بعقد الزواج، لذا شرع الله الخِطبة حتى يقوم الزواج على دعائم قوية وأسس ثابتة.
ولعل السطور السابقة التي سردتها تكون تمهيدا لتعليقي على واقعة قرأتها في جريدة «الأنباء» في عددها رقم 12319 المؤرخ 6/7/2010 عن أن احدى الفتيات من غير محددي الجنسية تقدمت ببلاغ إلى مخفر الصليبية وهذا البلاغ حمل عنوان «التهديد بإلحاق الأذى البليغ» متهمة شابا بأنه تقدم إليها بعد أن عرفها بنفسه في البداية أنه كويتي الجنسية فاستقبله والدها وخلال الحديث بينهما ابلغه الشاب انه غير محدد الجنسية مثلها على عكس ما ادعى قبل التقدم لخطبتها، وإزاء ذلك رفض والدها هذا الزواج وسردت الفتاة في بلاغها أنها فوجئت بهذا الشاب في اليوم التالي لرفضه من قبل والدها يتصل بها على هاتفها النقال دون أن تعرف كيف حصل على رقمها وابلغها بأنه يتمسك بالزواج منها وحينما أبلغته بأنها ملتزمة برفض والدها به فوجئت به يهددها على النقال بأنه سيحرق منزلها ولن يتركها وانه سيشهر بها ويشرد أهلها وأسرتها.
والذي أدهشني في تلك الواقعة لماذا لم يفصح هذا الشاب عن حقيقة وضعه أثناء التقدم لخطبة هذه الفتاة وما الذي دعاه إلى الادعاء أنه كويتي على خلاف الحقيقة؟ الاجابة هي انعدام الوازع الاخلاقي لديه فاذا كان في بداية الزواج والتمهيد له تحلى بالكذب فماذا بعد ذلك واقترانه بالزوجة ومع ذلك يريد تلك الفتاة بالقوة والتهديد؟! كل هذه الأشياء التي اقترفها هذا الشاب لم يقف قانون الجزاء الكويتي حيالها بل أفرد نصوصا للعقاب عليها، فالمادة 173 من قانون الجزاء تنص على انه «كل من هدد شخصا آخر بإنزال خراب كان بنفسه او بسمعته أو بماله أو سمعته أو بمال شخص يهمه أمره سواء أكان التهديد كتابيا او شفويا...يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين» ولا شك أن الشاب هدد الفتاة بإلحاق الأذى بها وبسمعتها وبسمعة أسرتها فضلا عن إحراقه لمنزلها، الأمر المعاقب عليه بالمادة 173 من قانون الجزاء فضلا عما أورده المشرع الكويتي وتجريمه لذلك الفعل بالقانون 9 لسنة 2001 المعدل بالقانون 40 لسنة 2007 الخاص بإساءة استعمال أجهزة الاتصال، بأن افرد هذا القانون عقوبة في مادته (أولى مكرر) هي الحبس الذي لا يتجاوز خمس سنوات وذلك إذا اقترنت الأفعال بالتهديد.
ولا شك ان ما فعله الشاب مستهجن ومرفوض بأن توصل بالحيلة إلى معرفة رقم هاتف الفتاة واتصل بها وقام بتهديدها في سمعتها ونفــس أســرتها بإلحاق أذي بليغ بهما، وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة سالفة الذكر، فضلا عن أننا أمام تعدد للجرائم تناوله نص المادتين 173 من قانون الجزاء والمادة الأولى (مكررا) من القانون 9 لسنة 2001 المعدل بالقانون 40/2007 سالف الإشارة إليه فهنا يجب تطبيق الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بهذه العقوبة دون غيرها وهذا يعني تطبيق القانون الخاص بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات رقم 9 لسنة 2001 المعدل بالقانون 40/2007 والذي أفرد عقوبة الحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات والحكم بها وذلك عملا بالمادة 84/1 من قانون الجزاء.
وفي النهاية أقــول ان الزواج إن لم يقم على أســاس الصدق والاحــترام بين الخـــاطــبين فلا يمـــكن ان يكون نواة لتكوين أسرة صالحة تخدم المجتمع فالزواج أساسه المودة والرحمة لا التهديد وإلحاق الأذى لأنه لا يمكن إجبار الفتاة على الزواج من شخص انعدمت فيه الأخلاق الحميدة.