لا شك ان المحافظة على سيادة الدولة من الأمور المهمة لكل دولة لاسيما إذا كان هذا التعدي ليس على مقوماتها السياسية وإنما على مقوماتها الأخلاقية والدينية، وأن المنوط به حفظ تلك المقومات هو المجتمع نفسه بجميع طوائفه وأفراده إلا أن لكل دولة جهازا يختص بتلك الحماية ومما لا شك فيه أن لكل دولة حدودا يتعين عليها احترامها ولا يجوز اختراقها بل ويجب أن تضبط أي أشياء يحاول إدخالها للبلاد لإثارة الفتن والطائفية فيها وان المنوط بذلك الضبط السلطات المختصة بالبلاد، فأي أشياء يمكن إدخالها للبلاد سواء كانت أغذية أو ملابس أو كتبا دينية لابد من تفتيشها وإخضاعها للرقابة لمعرفة صلاحيتها وما إذا كانت مقلدة أو أن إدخالها سيثير فتنة أو مشاكل دينية في البلاد، كما انه لما كانت الكويت تعتبر الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع فيها فيجب على من يحاول تشويه تلك السمعة أن ينال العقوبة الصارمة لذا فأي مراسلات تحاول تشويه تلك الشريعة يجب ان يتم ضبطها ومعاقبة كل من أرسلها طبقا لمبدأ الإقليمية ومعاقبة كل من جاءت على اسمه شركات أو أفراد لأن ذلك فيه إثارة للدين الإسلامي وللمجتمع الكويتي بأسره.
ولعل سبب سردي لهذا الموجز ما قرأته في جريدة الوطن بعددها الصادر في 15/7/2010 من أن الأجهزة المختصة بمطار الكويت الدولي ضبطت أكثر من 20 كتابا من الحجم المتوسط وهذه الكتب تتضمن آيات قرآنية وكلمات مقلوبة ومعكوسة، الأمر الذي أدى إلى الاشتباه فيها وفي طريقة كتابتها وهو ما جعل السلطات المختصة تحيل تلك الكتب إلى وزارة الاعلام.
وهذه الكتب الدينية وصلت من إحدى الدول العربية عن طريق إحدى شركات النقل البري وتبين لدى رجال الجمارك المختصة بتفتيشها وبيان ماهية تلك الكتب انها كتب مكتوبة بخط اليد وصادر بها بيان إدخال جمركي فتم التحفظ على البيان وأسماء الأشخاص الذين أرسلوا الطرد والأسماء المرسلة إليها تلك الطرود في الكويت وذلك للتحقيق معها ومعرفة السبب في إرسال تلك المطبوعات والهدف من إرسالها لتلك الجهات في البلاد وبعد قراءتي لهذا الموضوع ـ شعرت بالغيرة على ديني الحنيف وأنه لابد من وقفة حازمة تجاه تلك الجهة المرسلة لهذه الكتب وأيضا للشركات المرسل إليها لأن ذلك يشكل خطرا على ديننا الحنيف ونحن مقبلون على شهر كريم يتجلى فيه القرآن في أحلى صوره ومعانيه ألا وهو شهر رمضان فلا نريد تشويه ذلك الشهر بانتشار تلك الكتب فيه لولا يقظة رجال الجمارك وضبطهم لتلك الكتب ـ إلا أن ذلك الأمر لا ينسينا المنظار القانوني لهذه الواقعة التي تفرض وجودها على الساحة الكويتية في ذلك الوقت فالقانون رقم 3 لسنة 2006 بشأن المطبوعات والنشر أباح في المادة 7 منه جواز إدخال أو تداول أو بيع المطبوعات الواردة من الخارج بعد إجازتها من الوزارة المختصة بعد التثبت من عدم احتوائها على ما يحظر نشره وذلك إذا كان فيها مساس بالذات الإلهية أو القران الكريم أو الأنبياء ـ وجاء في بندها الثاني ـ يعتبر الموزع المحلي والمرسل إليه المطبوع مسؤولا في حالة مخالفة أي حكم من أحكام هذا القانون ويعاقب وفقا لأحكامه ولا شك ان تلك المطبوعات أرسلت من إحدى الدول العربية عن طريق شركة بريدية وان البيان الجمركي لابد ان يحمل عن اسم الجهة المرسلة والجهة المرسل إليها، الأمر الذي يتعين معه معاقبة هاتين الجهتين وفقا لقانون المطبوعات والنشر رقم 3 لسنة 2006 ـ فالجهة المرسلة خاضعة لقانوننا الجزائي عملا بالمادة 11/2 من قانون الجزاء وهو تطبيق لمبدأ الإقليمية والذي ينص على ان تسري أحكام هذا القانون على «كل شخص يرتكب خارج إقليم الكويت فعلا يجعله فاعلا أصليا أو شريكا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في إقليم الكويت» فلا شك ان جريمة إرسال الكتب الممنوعة على المساس بالقرآن الكريم وقعت في دولتنا، الأمر المعاقب عليه طبقا لقانون دولتنا ـ فضلا عن أن هذا الفعل يعد مساسا بأمن الدولة من جهة الداخل عملا بالمادة 29 من قانون الجزاء وذلك لأن المادة 19 من قانون المطبوعات والنشر نصت على «يحظر المساس بالذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء أو الصحابة الأخيار أو زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أو آل البيت ـ عليهم السلام ـ بالتعريض أو الطعن أو السخرية أو التجريم بأي وسيلة من وسائل التعبير المنصوص عليها في المادة 29 من القانون 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960، كما أشار الى ان النيابة العامة هي المختصة بالتحقيق والتصرف في هذه الجريمة وان محكمة الجنايات في المحكمة الكلية هي المختصة بنظر تلك الجريمة فضلا عن العقوبة التي أوردها هذا القانون في مادته 26 بالغرامة التي لا تقل عن 3 آلاف دينار ولا تزيد على 10 آلاف دينار، فضلا عن مصادرة المطبوعات ـ وأقول في النهاية ان المستفاد من هذا المثال هو ضرورة توسيع جهود رجال الجمارك ويقظتهم للكشف عن أي دسائس دينية او مذهبية تهدف الى تدنيس القرآن الكريم او تشويه الشريعة او إثارة الفتن وشق الصفوف في الجسد الوطني من خلال تمجيد شخص ما او عمل ما او الحط منه لخلق خلاف او زوبعة في الشارع.
لذا لزم التدخل الفوري والحاسم من قبل وزارة الإعلام لوضع الأمور في نصابها ومعاقبة من كان سيتسلم تلك الشحنة من الكتب لمعرفة السبب في إرسالها للبلاد فضلا عن المتابعة لمعرفة المرسل لتلك الشحنة لإخضاعه للعقاب وفق قانون الجزاء وعملا بمبدأ الإقليمية حسبما يظهر التحقيق إذا كان له يد ويقصد أو أن الأمر خارج عن يده ولم يكن مقصودا.
www.riyad-center.com