منذ فجر الخليقة، وحواء مهتمة بجمالها كما أن شغلها الشاغل هو ان تكون جميلة ابتداء من قناعتها بنفسها مهما كان مستوى جمالها لأنها دائما ترى ان لديها قدرات جمالية حتى ان لم تكن ظاهرة.
ومع تطور الحياة العملية والطبية مع تطور الزمان، فقد التفت علم الطب لهذه الحاجة النسائية في الاغلب أو الانسانية عموما وبدأ يطور في تقنية علم التجميل الانساني سواء في الاجهزة المستخدمة أو الوسائل أو جراحات التجميل عموما وتوسعت هذه التقنية الجراحية لتشمل اغلب مواضع الجسد الانساني ابتداء من الوجه مثل نفخ الشفايف أو عمل الغمازات أو نفخ النهود الى كل مواضع الجسد، بل ظهور أجهزة حديثة تعمل بتقنيات عالية كأجهزة الليزر المستخدمة في ازالة الشعر غير المرغوب في الجسد أو الآثار أو الندبات... الخ.
واليوم آلاف النساء يتسابقن فيما بينهن للعب في أشكالهن وأجسادهن لإرضاء غريزتهن في التجميل أو الجمال، لا بل ظهر في الفترة الاخيرة رجال يسعون لمثل هذه التحسينات ولذلك فان التطور المهول والسريع في هذا العلم والمردود المادي الكبير المتحصل من ورائه، لأن الرغبة في التجميل وتصليح مواضيع النقص والخلل هي حلم وأمل يراود الآلاف، فبمجرد ان يسمعوا ان هناك أملا في تصحيح شكلهم أو نقص ما لديهم مثل فك أعوج أو أنف أو شعر ظاهر ومخجل، فإنهم لا يترددون في دفع كل ما لديهم لتحقيق هذا الحلم.
ولهذا فقد أصبحت تجارة التجميل من اربح وأكثر التجارات في كل المسالك.. جراحة، اجهزة، مواد، صيانة، رواجا في هذا العالم عموما.
ولهذا بدأت اغلب المستشفيات والعيادات الطبية عموما تفتح لها أقساما للطب التجميلي وهذا أمر مشروع وغير مستغرب أمام هذا الطلب الكبير، لكن غير المشروع والمستغرب هو ظهور أعداد كبيرة من منتحلي صفة التطبيب والدخول في هذا المجال وجني الارباح من وراء مثل هذه الاعمال، ولعل أكثر الاماكن سهولة في انتحال هذه الصفة وممارسة هذه الاعمال وتوافر الزبائن فيها هي الصالونات النسائية، فكثير من الصالونات أثناء وجود الزبونة عندهم وهي في غمرة نشوتها في التجميل من مكياج وتعديل أو تركيب شعر مستعار تغريها الكوافيرة بنفخ برطم أو مل غمازة أو حقنة سليكون، وهي متناسية ان هذه الاعمال اعمال طبية تحتاج دقة ورقابة وحذرا ولا تجوز الا لمن رخص لهم، ولهذا أدرجت بعض الصالونات على مثل هذه الاعمال، وارتكبت في هذا العديد من الجرائم والمخالفات وما يؤكد كلامي هذا ما نشرته الصحف اليومية آخرها ما نشر بجريدة الوطن في عددها رقم 1411/6857 الصادرة في 22/7/2010 ما صرح به مدير ادارة التراخيص بفرع بلدية حولي من ان اجهزة الرقابة تمكنت من ضبط أحد الصالونات النسائية في أحد الفنادق الشهيرة بحولي وهي تقوم بإجراء عمليات جراحة تجميل للسيدات، فضلا عن ضبط العديد من الابر الصينية والكريمات والعقاقير والمواد والادوات التي تستخدم في العمليات الجراحية، وقد تبين للاجهزة الرقابية من التفتيش ان معهدا صحيا وصالونا نسائيا يقوم بالعمليات الجراحية التجميلية بواسطة احدى العاملات التي ادعت على خلاف الحقيقة انها طبيبة وعند مواجهتها تبين انها فني تجميل وليست طبيبة وغير حاصلة على أي مؤهلات علمية أو تصاريح خاصة من وزارة الصحة فضلا عن أن المكان غير مهيأ لمثل هذه الاعمال وبدون ترخيص.
ان مثل هذه الافعال تشكل خطرا كبيرا على الناس لما قد يقع من أخطاء أو مضاعفات أو تلوثات تودي بحياة الناس، كما أنها تشكل مخالفات وجرائم تنال اهتمام القانون والسلطة.
والمنظار القانوني لهذه الواقعة التي تعتبر مجرمة في كل دول العالم عامة وفي الكويت بشكل خاص، فقد أفرد لها قانون الجزاء الخاص بها فضلا عن صنع المشرع الكويتي عدة نصوص حيث ان الواقعة عدة جرائم انتظمها سلوك اجرامي واحد، حيث الظاهر ان اصحاب هذه الصالونات والعاملات بها ارتكبوا جريمة النصب المؤثمة بالمادة «231 جزاء» بانتحالهم صفة طبيب تجميل على خلاف الحقيقة والواقع، وتوصلوا بهذه الصفة الى قيامهم بأعمال جراحات التجميل للسيدات والحصول والاستيلاء على اموالهم، علما أن عقوبة جريمة النصب أعلاه هي الحبس مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات، فضلا عن مخالفتهم للقانون رقم 32 لسنة 1969 بشأن تنظيم تراخيص المحلات التجارية، وقد خالفوا ما هو وارد بالقانون رقم 25 لسنة 1981 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري في مادته 3 من انه لا يسمح بمزاولة مهنة الطب الا للحائزين على المؤهلات العلمية من إحدى كليات الطب فضلا عن ان المادة 26 من القانون نصت على انه لا يجوز فتح عيادة خاصة او محل الا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الصحة فضلا عن ان المادة 27 من القانون 25 لسنة 1981 نصت على انه يشترط للترخيص في فتح تلك المحلات ان تتوافر فيها الاشتراطات والمواصفات اللازمة وهو ما تخلو منه الصالونات النسائية المفتوحة ومورست فيها عمليات التجميل وقد نص القانون نفسه في المادة 38 منه على عقاب كل من زاول مهنة طبية او عيادة او محلا من دون ترخيص وكل من وجدت عنده آلات او عدد طبية مما يستعملها اصحاب المهن الطبية بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، كما ان القانون نص على عقوبة تبعية في المادة 38/2 بغلق المحال التي يزاول المخالفون فيها اعمالهم لحين الفصل في الدعوى الجزائية، وبالنسبة للعاملات ـ وهن أجنبيات ـ فقد نص قانون الجزاء في المادة 79/2 على ضرورة ابعاد الاجنبي الذي يتهم باحدى الجرائم المخلة بالشرف، ولا شك ان انتحال صفة طبيبة تجميل واجراء عمليات جراحية هما من جرائم النصب المخلة بالشرف، ومن ثم يكون توقيع عقوبة الابعاد الاداري او القضائي واجبا وذلك بعد تنفيذ العقوبة المقضي بها، ولما كانت هذه الجرائم قد انتظمت في سلوك اجرامي واحد فان هذا يقضي بتطبيق عقوبة الجريمة الأشد عملا بالمادة «84/1 جزاء» وهي جريمة انتحال صفة طبيب والمؤثمة بالمادة «231 جزاء»، وبعد هذا العرض لا يسعني الا ان أنبه جميع السيدات والفتيات بالتصدي لمثل هذه الصالونات والعاملات بها وان لا يسمحن لهن بالعبث بأجسادهن بل واجبهن هو التعاون مع الاجهزة الرقابية وابلاغها عن أي شكاوى او اعمال مماثلة للاعمال الطبية حتى تقوم تلك الاجهزة باجراء اللازم حيال المخالفين وإحالتهم لجهات الاختصاص للتحقيق معهم حفاظا على امن وسلامة المواطنين والمقيمين والناس عموما.
www.riyad-center.com