تعودنا في مقالاتنا القانونية أن نسرد بعض المقدمات حتى يستطيع القارئ العادي والقانوني فهم الأمور إلا اني في هذا المقال أبدأ بسؤالين ـ الأول.. هل أصبحت المنازل بلا حرمات حتى تطأها أقدام رجال المباحث ليلا؟، هل باتت عورات النساء تتكشف لأعين زوار الليل تحت مدعاة الاشـتباه؟ سؤالان من جملة أسـئـلـة أطــرحهـا ولعل سبب سردي لهذين السؤالين ما قرأته بجريدة «الرأي» عن قيـام أكثر من عشرة رجال مدججين بالسلاح باقتحام منزل أحد المواطنين من أسبوع مضى وراحوا ينشرون الفزع في جنباته وبين بناته بعد أن بعثروا محتويات المنزل دون سبب يذكر وانطلقوا نحوه وهو رجل مسن يتجاوز الستين من العمر ولم ينتظروه حتى ينهي صلاته وحملوه من غير رحمة منطلقين به رغم توسلات بناته وزوجته ودون إظهار إذن نيابة أو إبـداء لـسـبب اقتحامهم لمسكنه أو افصاح عن ذنبـه الـذي جـنـاه وإثمه الذي ارتكبه لاسيما ان زوجته ألمحت لهم بأن زوجها يـعــاني مرضا عقليا جراء اعتقال قوات الاحــتــلال العراقي له أيام الغزو إلا أن أحدا لم يعرها اهتماما. والآن وبعد مـضـى سبعة أيام من احتجازه لدى رجال المـبـاحــث دون عــرضه على الـنـيابة يحاول هؤلاء الرجال طمس آثار تـعـذيبهم له وذلك بعد أن تأكد لهم أن هذا الـمواطــن لا توجد قضية مسجلة باسمه وان الأمر لا يعدو أن يكون اشتباها.
هذه هي الواقعة التي قرأتها وبعدها شعرت بمرارة الحزن والأسى وعن الظلم الذي وقع وتساءلت ألهذا الحد وصل الامر بجهازنا الأمني أن يرتكب مثل تلك الأفعال البعيدة عن القانون ويحشد رجاله وعتاله ليداهم منزلا سكنيا ليلا ليضبط رجلا مسنا دون جريرة او اتهام مفهوم.. في حين يتحسس برقة وهدوء في محاسبة العشرات من المتنفذين والساسة الذين يجاهرون في ارتكاب الجرائم ومخالفة القوانين بل الدعوة والتحريض على مخالفتها؟ فإذا كان السبب في اقتياد المواطن هو ارتكابه لجريمة ما ـ فما الجريمة التي ارتكبها ولماذا لم يتم التحقيق فيها وإحالته للمحاكمة؟ كل تلك الأسئلة لابد لها من إجابة حتى يرتاح ضمير الشارع الكويتي من مثل تلك الأفعال الغوغائية والتي لا تمت للقانون بصلة ونحن في دولة مؤسسات وتعلوها الديموقراطية الحرة البناءة ـ والمنظار القانوني لهذه الواقعة ينتابها عدة نصوص قانونية ـ فالمادة 55 من قانون الجزاء تعاقب كل موظف عام دخل اعتمادا على وظيفته مسكن احد المواطنين بغير رضاه ـ ولاشك أن زوار الليل اقصد رجال الامن الذين اقتحموا مسكن هذا المواطن دون إذن من النيابة يبيح لهم ذلك، فضلا عن ان دخولهم المنزل كان بغير رضاه وهو ما جرمه المشرع الجزائي وأفرد له عقابا بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات ـ فضلا عما جاءت به المادة 56 من قانون الجزاء من معاقبة كل موظف عام استعمل القسوة مع الناس اعتمادا على وظيفته بأن اخل بشرفهم واحدث آلاما بأبدانهم وهو ما فعله زوار الليل باقتياد المواطن المسن ظلما وإحداث آلاما ببدنه اعتمادا منهم على سلطات وظيفتهم وهو ما جعل المشرع الجزائي يعاقب على هذا الفعل بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات ـ فضلا عن إتلافهم محتويات منزل هذا المواطن المسن وهو ما أخضعهم لعقاب المادة 249 من قانون الجزاء والتي افرد لها المشرع عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين ـ كل تلك الأفعال هي ما أتاها زوار الليل لا لشيء إلا للاشتباه كما ادّعوا ـ لذا وفي ختام مقالي هذا احيل هذا الامر للسيد معالي وزير الداخلية حيث إنه لابد من فتح تحقيق فيما حدث لهذا المواطن فإن كان مخطئا فحاكموه على خطئه وليأخذ جزاءه أما أن يقال إنه حبيس طيلة مدة سبعة أيام دون جريرة او اتهام محدد وعرضه على النيابة فهذا امر مخالف للقانون لا يرضي احدا ويستلزم محاسبة المخطئ خاصة ونحن في بلد مؤسسات.
لذا وجب إطلاق سراح هذا الرجل وإحالته للفحص الطبي لتحديد اصاباته تمهيدا لاجراء اللازم حيال المسؤول عن هذا، وفقنا الله وإياكم لما فيه خير البلاد والعباد.
www.riyad-center.com