إذا كنت في مقالي السابق والذي نشر بجريدة «الأنباء» بعددها الصادر في 4/9/2010 طالبت فيه وزير الداخلية بضرورة التحقيق فيما حدث للمواطن الذي انتهك حرمة مسكن وتم اقتياده دون جريمة او اتهام محدد بل وتم تقديمه وظل حبيس المباحث طيلة 7 أيام لما في ذلك من مخالفة للقانون لا ترضي أحدا وتستلزم محاسبة خاصة من سيادته لكوننا في بلد مؤسسات وقانون، إلا أنه وان كنا لا نرضى بذلك فهذا لا يعني أننا نوافق او نسكت على أي تجاوزات واعتداء يحدث على رجال الأمن من خارجين على القانون بل يجب التصدي لهم بالحزم حتى يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه الجرأة على رجال الأمن اثناء قيامهم بأعمال وظيفتهم ـ فجهاز الأمن هو الحصن الحصين لمجتمعنا والساهر على أمنه وسلامته فيجب ان تكون له الاحترام الواجب بل والتعاون معه لرصد الجريمة في مهدها ـ ولعل ما جعلني أسرد هذه المقدمة أنني اشعر يوما بعد يوم بأن هيبة رجال الأمن في بلدنا قلت وذلك بسبب كثرة الاعتداءات التي يتعرضون لها من قلة منحرفة خارجة عن القانون، ولعل السبب في ذلك عدم وجود قوانين صارمة تردع تلك الممارسات الخارجة عن القانون وتعيد هيبة رجال الأمن لهم وتحفظ ماء وجوههم ـ فقد تناولت جريدتا «الأنباء» و«الوطن» في عددهما الصادر يوم 2/9/2010 تحديا سافرا من (شلة) من المواطنين تقودهم (سيدة) أي انها تتزعم هؤلاء الخارجين على القانون، حيث اقتحموا مخفر الجليب وتم الاعتداء على عناصره بهدف تمكين أحد الأشخاص من الهرب مما أحدث فوضى عارمة داخل المخفر واستدعى ذلك الأمر إسنادا من دوريات مديرية أمن الفروانية فتم التدخل وضبط تلك السيدة ومن معها من الخارجين على القانون بينما تمكن آخرون ممن كانوا معها من الهرب ويكثف رجال المباحث تحرياتهم لضبطهم، والحادثة سالفة الذكر بدأت عندما كانت دورية تابعة لمديرية أمن الفروانية تقوم بجولة تفقدية في مجمعات منطقة الجليب التجارية فشاهدوا أحد الأشخاص يتحرش بالفتيات اللاتي قصدن التسوق لشراء احتياجات العيد وعلى الفور قام أحد عناصر الدورية بإيقاف المذكور وبسؤاله عن إثبات شخصيته تبين أنه لا يحمل إثباتا وعليه تمت إحالته إلى مخفر الجليب وهنا حضرت والدته وتطاولت على رجال الأمن وبعد دقائق معدودة فوجئ ضباط المخفر بشلة (شباب) بقيادة تلك السيدة يقتحمون المخفر ويتعدون على رجال الأمن محاولين تمكين المتهم الذي تم توقيفه من الهرب، الأمر الذي دفع رجال المخفر إلى طلب إسناد مديرية أمن الفروانية وسيطروا على الموقف وتم ضبط السيدة وبعض الأشخاص معها بينما تمكن الآخرون من الهرب، وتم عرض رجال الأمن الذين تعرضوا للاعتداءات على مستشفى الفروانية لإحضار تقارير طبية بالإصابات البدنية التي تعرضوا لها.
تلك هي الواقعة التي ضربت هيبة رجال الأمن ولابد لها من وقفه صارمة تعيد لهم تلك الهيبة ولاشك ان إعادتها لرجال الأمن لا تكون إلا بتدخل تشريعي يغلظ الحد الأقصى للعقوبة حتى يرتدع أي شخص ويخاف من العقوبة المترتبة لو انه نال من تلك الهيبة التي يجب ان تحترم، ولا شك ان المنظار القانوني لتلك الواقعة يفرض نفسه عليها، فالمشرع الجزائي نص في مادته 134 من قانون الجزاء على معاقبة كل من أهان بالقول او الإشارة موظفا عاما اثناء تأدية وظيفته او بسببها، وهو ما حدث في تلك الواقعة من تعد سافر من الخارجين على القانون الذين اقتحموا المخفر محاولين تمكين متهم من الهرب، وقد أفرد المشرع عقوبة الحبس مدة لا تجاوز 3 أشهر على تلك الإهانات، فضلا عن قيامهم بإحداث إصابات بعناصر الأمن في المخفر وذلك بتعديهم عليهم وهو الأمر المجرم بنص المادة 135 من قانون الجزاء والذي افرد له المشرع عقوبة الحبس التي لا تجاوز مدته سنة.
وبعد هذا العرض القانوني، فإن ختام مقالي هذا يكون بمناشدة المشرع الجزائي التدخل التشريعي اللازم لتشديد عقوبة التعدي بالقول او الفعل وإحداث إصابات برجال الأمن حتى تكون تلك العقوبات مانعا لمن تسول له نفسه المساس بهيبة هذا الجهاز الخطير في البلد، لذا فإن تطبيق القانون لا يقتصر على فئة دون اخرى بل الجميع سواسية أمامه، اما ان يصل الأمر إلى هذا الحد من الاستهتار بهذا الجهاز الخطير في بلادنا فهذا أمر لا يمكن السكوت عليه بل يجب ان يتدخل المشرع لحسم تلك الأمور، لاسيما ان الشارع الكويتي يشهد حالات من الاعتداءات المستمرة على رجال الأمن نأمل ان يكون ذلك بأسرع وقت حتى نحفظ لهؤلاء الساهرين على أمن وخدمة المواطن كرامتهم وهيبتهم.