لا شك ان سرعة انتشار وسائل الاتصالات وتطور اشكالها وتنوعها سيؤدي الى كشف كثير من الجرائم كانت في الماضي يستعصى على رجل الأمن كشفها بعد الابلاغ عنها لانها كانت تثير عدم معقولية حدوثها، وهو الامر الذي يكتنف كثيرا من الجرائم فضلا عن ان كثيرا من الوقائع كان ينتهي بها المطاف بعد الابلاغ عنها الى الحفظ لعدم كفاية الادلة التي ساقها المبلغ في بلاغه، الا انه وبعد انتشار التقنيات الحديثة في عالمنا الذي نعيش فيه الآن اصبح من الممكن ومن السهل كشف الجريمة بعد ارتكابها بوقت يسير بل تتبع حدوثها قبل ضبطها لحظة بلحظة وما دعاني الى هذا السرد المبسط ما قرأته في صحيفة «الأنباء» في عددها الصادر يوم 10/9/2010 ان احدى الخادمات التي تعمل لدى مواطن كويتي لجأت الى حيلة ذكية لكشف جريمة تحرش جنسي لها وقد قادها ذكاؤها الى استخدام هاتفها النقال ليس في ضبط الجريمة بل وضبط مرتكبها ـ فالواقعة كما سطرتها جريدة «الأنباء» ان احدى الخادمات بمنطقة النعيم قامت بتصوير شخص بواسطة هاتفها النقال اثناء ملاحقته لها وقامت بتقديم مقطع الفيديو لكفيلها لتثبت له انها ضاقت ذرعا بمطاردات ذلك العاشق الولهان بها والذي يلاحقها في كل مكان طالبا منها اقامة علاقة غرامية معها وقامت الخادمة بتسليم المواطن الذي تعمل لديه مقطع الفيديو، وكان المقطع يبين انتظار الشخص الذي يطاردها اسفل منزله فتقدم صاحب العمل لمخفر النعيم بهذا البلاغ فقام رجال الأمن بإلقاء القبض عليه في مكان عمله، حيث تبين انه يعمل مندوب مبيعات وبمواجهته بمقطع الفيديو المأخوذ من هاتف الخادمة اعترف بإعجابه بالخادمة وانه كان يلاحقها ليتعرف عليها ولاقامة علاقة غرامية معها تلك هي الواقعة التي قرأتها حيث قادني تفكيري قبل عرض المنظار القانوني لهذه الواقعة الى القول انه داخل كل انسان طاقات فالبعض يستغلها في الاعمال المباحة والبعض الآخر يستغلها في الحرام والسعي في افساد الارض ومن عليها وهذا ما فعله المقيم فبدلا من العمل والتكسب راح يعيث في الارض فسادا ويتسكع في الطرقات متحرشا وعارضا خدماته الرذيلة على الخادمات غير عابئ بما سيوصله فعله الى قطع رزقه بل وتقديمه للعدالة لجرمه المرتكب ـ والمنظار القانوني لهذه الواقعة يفرض نفسه فالمادة 201/1 من قانون الجزاء تعاقب كل من يحمل ذكرا أو أنثى على ارتكاب الفجور والدعارة وذلك عن طريق الاكراه والتهديد والحيلة ـ ولا شك أن ما فعله المقيم الأجنبي من تحرشه بالخادمة عارضا عليها تقديم خدماته وهي إقامة علاقة آثمة معها ما يوقعه تحت طائلة هذه المادة والتي تعاقب على فعله بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات، هذا في حالة اذا كانت الخادمة تزيد سنها على ثماني عشرة سنة أما اذا كانت اقل من ذلك فالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر تشدد العقوبة على الجاني بجعلها الحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات، فضلا عن أن المادة 79/2 من قانون الجزاء توجب على القاضي إذا حكم على الأجنبي بعقوبة جنائية او بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف او الأمانة أن يأمر بابعاده عن البلاد وذلك بعد تنفيذه العقوبة المقضي بها ـ وأقول في نهاية مقالي أنه لابد أن يعلم كل أجنبي مقيم في دولتنا انه ما أتى إليها إلا للعمل الحلال لا للسعي إلى إفساد الأرض واستباحة الأعمال المحرمة، فلا شك أن لكل شيء نهاية وما لم يكشف الآن سيكشف فيما بعد، وها نحن أمام واقعة كشفتها احدى الخادمات بذكائها وباستخدام التقنيات الحديثة في إيقاع مقيم أجنبي يتحرش بها وذلك بتصويره وهو يتتبعها عارضا عليها خدماته الرذيلة ـ فهذا ما كشف الجريمة وأوقع هذا الشخص في شرك أعماله ليس ذلك فقط بل وتقديمه للعدالة حتى تقتص منه بفعله المشين غير الأخلاقي.
www.riyad-center.com