مقالي الذي اتناوله الآن قد يثير الحزن والاسى في نفسية القراء وذلك لأن الام دائما هي مصدر الحنان لاولادها، فهي الشمعة المضيئة والنبراس الحي لظلام الحياة، وهي من انزل الله كلماته في حقها بضرورة احترامها واجلالها وتقديسها، اما الام التي تتجرد من حنانها وتنزل قسوتها على اولادها فهي بلا شك لا تعتبر في عرف الواقع العملي اما، حتى لو كان وليدها نتاج علاقة مشبوهة او آثمة، لأن هذا الطفل الذي اتى للحياة لا دخل له في علاقتها المشبوهة، وما الذنب الذي اقترفه حتى تتجرد الام من مشاعرها وتقتله لاخفاء جريمتها، ما دعاني لذلك السرد المبسط ما قرأته في جريدة «الأنباء» في عددها الصادر بتاريخ 14/9/2010 من ان موظفة تعمل بوزارة الصحة ارتبطت بعلاقة آثمة محرمة مع عسكري بوزارة الدفاع يصغرها بأكثر من ست سنوات، وكان نتاج هذا الارتباط طفلا خرج للحياة لا ذنب له فيما اقترفته امه من علاقة آثمة، الا انه وبدلا من ان تقوم الام بالبحث عن حل لتلك العلاقة بالارتباط بصاحب العلاقة الآثمة معه للاعتراف بطفله، حاولت التخلص منه وذلك بالقائه في سلة المهملات، وتفاصيل الواقعة ان غرفة العمليات بوزارة الداخلية تلقت فجرا بلاغا يتضمن العثور على جثة طفل حديث الولادة داخل حاوية قمامة قريبة من منزل مواطن متقاعد في منطقة القصور بالجهراء، وفور تلقي البلاغ انتقل لموقعه عدد من رجال الامن وتم عمل التحريات السريعة، واسفرت عن ان موظفة بوزارة الصحة وهي ابنة المواطن المتقاعد ارتبطت مع عسكري في الدفاع بعلاقة آثمة واسفرت العلاقة عن طفل، وقد حاولت قبل ولادته بشتى الطرق اجهاضه خاصة ان العسكري ابلغها انه غير مستعد للزواج منها والانفاق عليها، فضلا عن تملصه من علاقتها، الامر الذي دفعها لعمل المستحيل نحو اجهاض نفسها على مدار اشهر، الا انها وما ان وضعت مولودها ميتا ـ كما ادعت ـ تخلصت منه بالقائه في حاوية قمامة بالقرب من منزل والدها، لكن المفاجأة في تلك الواقعة ان خادمتها وبسماع اقوالها قررت انها لاحظت انتفاخ بطن ابنة كفيلها وانها سمعت صوت الطفل حديث الولادة يبكي في غرفة ابنة كفيلها ثم سكت فجأة، وهو الامر الذي اثار انتباه رجال التحقيق عما اذا كان الطفل ولد حيا وقامت المواطنة بقتله ام انه ولد ميتا كما تدعي، وهو ما يسفر عنه ويحسم امره الطب الشرعي، مرجحا اقوال المواطنة ام الخادمة، تلك هي الواقعة كما سطرتها جريدة «الأنباء». واقول ان هذه السيدة ولا ادافع عنها لأنها بلا شك من اسرة محافظة وان تقاليد اسرتها وعاداتها تمنعها من الاختلاط، فما بالنا لو علمت تلك الاسرة بارتباط ابنتها برباط محرم وكان ثمرته طفلا سفاحا، فلا شك ان الانتقام هو السبيل لتلك الاسرة هو ما جعل تلك السيدة بعد ان احست بالحمل من الارتباط المحرم وبدأ الطفل يتحرك في احشائها تزيد معاناتها، واخذت تفكر في كيفية الخلاص منه، ليس بسبب عدم حبها لهذا المولود الذي سيأتي للحياة بل لتنجو من الفضيحة وهو ما جعلها تفكر في التلخص منه ان ظلت تراقب الطريق كل يوم ليلا في انتظار حضور سيارة القمامة، حيث بجانب منزلها سلة للمهملات، فهداها تفكيرها ان تضع جنينها في هذه السلة على ان تحمله على العربة بعد ذلك باعتباره من القمامة، وهذا ما فعلته، وهي تعلم ان فعلتها ستؤدي الى وفاة الطفل حتى لو كان لايزال حيا، الا ان الاقدار شاءت ان يصل احد الاشخاص ويقوم بالعبث في محتويات القمامة فوجد الطفل الذي كان قد فارق الحياة، فأبلغ عمليات النجدة وانكشف الموضوع، ولعل المنظار القانوني لتلك الواقعة يلقي بظلاله عليها، فالبين ان عسكري الدفاع شريك لتلك السيدة في الفعل الاجرامي، فهو واقعها وهي راضية معه بذلك الفعل، الامر الذي اوقعهما في شرك الجريمة وذلك بنص المادة 194 من قانون الجزاء والمعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، فضلا عما اقترفته هذه السيدة بفعلتها الشنعاء بقتلها وليدها، حسب اقوال الخادمة التي تعمل لدى والدها، الامر الذي تجرمه المادة 166 من قانون الجزاء، حيث ان تلك السيدة يلزمها القانون برعاية ذلك الطفل لأنه عاجز عن ان يحصل لنفسه على ضروريات الحياة، وقد الزمها القانون بذلك، الا انها امتنعت عن مد يد العون له وهو ما افضى الى موته، الامر الذي تستحق معه العقاب المشار اليه بالمادة سالفة الذكر بالسجن المؤبد عملا بالمادة 149 من قانون الجزاء ولا شك ان قصد السيدة هو اخفاء جريمتها حتى لا ينفضح امرها بحملها سفاحا ووضعه حيا، الامر الذي جعلها تقدم على موته ووضعه في سلة مهملات، وهو ما ستكشف عنه التحقيقات التي تجريها النيابة العامة فيما اذا كان هذا الطفل ولد حيا وتخلصت منه امه ام انه ولد ميتا وهو ما يتغير معه وصف الجريمة والعقوبة الواجب تطبيقها عليها.
www.riyad-center.com