مع اقتراب موسم الحج تغزو إعلانات الحملات مختلف وسائل الإعلام لاجتذاب كل من يريد زيارة بيت الله الحرام فتحاول كل حملة التباهي بمميزات جديدة تقدمها للحجاج، وعلى الرغم من ان الخدمات التي تقدمها الحملات الكويتية جيدة لكن يبقى ان هناك ارتفاعا غير مبرر في الأسعار أدى الى عزوف البعض عن أداء فريضة الحج، خاصة اذا كان هناك أكثر من فرد في الأسرة الواحدة يريدون أداء الفريضة، ولا نقول ان إقبال الناس على الحج او عزوفهم هو السبب في ارتفاع الأسعار او انخفاضها إنما هو تنافس الحملات وقيام بعض أصحاب الحملات بالمتاجرة في التأشيرات او في تصريحات الخروج للحج عندما يريد رب الأسرة ان يسافر بصحبة عائلته فهذا هو السبب الرئيسي في جنون الأسعار، والواقع ان هناك مبالغة في الأسعار لا تتناسب مع التكلفة الحقيقية للحج، ولكن القانون 58 لسنة 1976 بتنظيم حملات الحج لا يشمل الأسعار بل يخص تراخيص هذه الحملات، فالحصول على التراخيص يستلزم ميزانية معينة وعددا معقولا من الموظفين، بالاضافة الى تراخيص الصحة والسلامة وغيرها، وقد يثار تساؤل مهم في معرض حديثنا عن حملات الحج: ما المقصود بحملة الحج من الباطن؟ يعني ذلك ان احد أصحاب الحملات قد يحصل على ترخيص لحملة حج يشمل العدد المسموح به وفقا للائحة ثم تكتشف بعد ذلك ان لديه حملة أخرى من الباطن بعدد آخر من الحجاج إلا انها غير مرخصة وهذه الحملات غالبا ما يكون الحجاج بها حاصلين على «تأشيرات مرور» من الأراضي السعودية الى دول أخرى فيقوم صاحب الحملة بالاتفاق معهم على ان يحجوا ضمن حملة خاصة به بعيدا عن علم الوزارة وهو ما يعد تلاعبا وإخلالا بالأمن الذي يعتبر أهم ما يشغل تفكير وزارة الأوقاف، كذلك هناك سؤال: ماذا لو تكشف ان عدد الحجاج في الحملة اكبر من العدد المسموح به والموضح في اللائحة؟ لا شك ان المنظار القانوني لهذا الموضوع يلقي بظلاله، لاسيما ونحن مقبلون على موسم الحج، فالمرسوم في شأن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نص في مادته الثانية، على اختصاص وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في فقرتها الرابعة، على الإشراف على شؤون الحج وفقا لأحكام القانون، كما ان القانون 58 لسنة 1976 بتنظيم حملات الحج، نص في مادته 1 (تشكل بوزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية لجنة تسمى لجنة شؤون الحج، تختص طبقا لما جاء بالمادة 2/4 بالنظر في المخالفات التي تقع من أصحاب الحملات على الوجه المبين بالمادة السادسة التي تنص على إيقاع جزاءات في حالة ثبوت المخالفة وهي: «الإنذار، مصادرة كل او بعض التأمين الذي أودعه المرخص، الحرمان المؤقت من الترخيص في تسيير حملة حج لمدة لا تزيد على 3 سنوات، او الحرمان النهائي من الترخيص»، فبالنسبة لحملة الحج من الباطن فإن الجزاء المناسب لها هو مصادرة الترخيص نهائيا، اما في حالة ان أعداد الحملة اكبر من القدر المسموح به في اللائحة فإن الجزاء المناسب هو مصادرة كل او بعض التأمين المدفوع والمقدر بـ 15 ألف دينار، اما اذا قامت إحدى الحملات بتسيير حملة حج دون ترخيص لها بذلك او في حالة عدم توفير وسائل الصحة والسلامة والراحة للحجاج فإن المادة السابعة من القانون 58 لسنة 1976 بتنظيم حملات الحج قررت عقوبة لذلك هي الحبس الذي لا يتجاوز 3 أشهر، وبعد هذا العرض القانوني لحملات الحج، أقول في نهاية مقالي انه على الدولة سن قوانين لتنظيم حملات الحج ومراقبة هذه الحملات للتأكد من تطبيقها للقوانين والالتزام بالقواعد بدلا من قيام الحكومة نفسها برعاية وتنظيم حملات الحج ويجب ان تقع مسؤولية تنظيم حملات الحج الكويتية على الكثير من الشباب الكويتي وهذا الشباب متطوع ويبذل مجهودا كبيرا ويبتكر الكثير من الأفكار ويكتسب العديد من المهارات الإدارية وعلينا ان نترك فرصة مساعدتهم للناس في أداء هذه الخدمة وعلينا ألا نحرمهم من ذلك ومن أجر الله سبحانه لهم فهم طاقات يجب الا تهدر، لذا فإن انخراط الشباب في حملات الحج يعتبر تنمية لهم ولمهاراتهم وللمجتمع بشكل عام بدلا من هدم طاقاتهم وتضييعها بالتسكع في الأسواق والطرقات مع الأصدقاء، فضلا عن انه يجب على وزارة الأوقاف ان تبذل قصارى جهدها خلال فترة الحج من التزام حملات الحج وتقيدها بالشروط والقواعد المنظمة لعملها كما عليها ان تحقق مع اي حملة حج غير مرخصة تنشر إعلاناتها بالصحف، كما يجب على وزارة الأوقاف ان تشترط دخول منظمي حملات الحج وأفرادها في دورات إدارية تصقل مهاراتهم لتقديم أفضل رعاية وخدمة ومعاملة للناس بالاضافة الى تعليمهم مهارات إدارية معينة تمكنهم من أداء أعمالهم على أكمل وجه.
www.riyad-center.com