لعل القارئ العادي أو القانوني على حد سواء سيتبادر إلى ذهنه بمجرد قراءته لهذا العنوان أنها قصة خيالية لإبداع كاتب أراد أن يجتذب القارئ، لكن الحقيقة أن هذا العنوان هو لقصة حقيقية وقعت في مجتمعنا الذي أصبحت فيه الجريمة تأخذ أشكالا وأنماطا جديدة فلم تعد مقصورة على أسلوب معين بل أخذت منجها جديدا، فالمشهد في تلك الواقعة، هو أن أحد صالونات التجميل في منطقة الرقعي فوجئت صاحبته بأربعة من الشبان (ذكور) يطلبون دخول الصالون لإجراء عمل مكياج كامل لهم باعتبار أنه صالون مخصص للنساء فقط، إلا أنها رفضت لأنهم شباب (ذكور)، إلا أنهم أصروا على الدخول وعرضوا عليها المبلغ الكامل لعمل المكياج لهم، وعقب تصميمها على الرفض فوجئت بهم يتعدون بالضرب (الناعم) عليها فضلا عن إحداثهم تلفيات بالصالون، الأمر الذي جعلها تستنجد بعمليات الداخلية من هؤلاء الشباب، هذا ما قرأته من وقائع حقيقية سردتها جريدة «الأنباء» بعددها الصادر يوم 28/11/2010 وراودتني بعض الأسئلة المهمة: ما هذه الجرأة التي أقدم عليها هؤلاء الشباب وهم يعلمون مدى استهجان فعلهم سواء أمام المجتمع أو القانون؟ وقلت انه صحيح ان القانون جرم هذا الفعل في قانون الجزاء لكن لابد من تشديد العقوبة وذلك لكثرة تلك الجرائم وانتشارها السريع في مجتمعنا، انتهى المشهد، لكن الموقف لم ينته، وثارت عدة تساؤلات حول المسؤولية الجنائية لهؤلاء الشباب (الذكور المتشبهين بالنساء)، لم يقف قانون الجزاء حيال هذه المواقف مكتوف الأيدي بل وضع عقابا للمتشبهين بالنساء وذلك أنه نص في مادته 198 من قانون الجزاء على عقاب كل «من أتى إشارة أو فعلا مخلا بالحياء في مكان عام بحيث يراه أو يسمعه من كان في مكان عام أو تشبه بالجنس الآخر»، فلاشك أن طلب دخول هؤلاء الشباب لصالون نساء لعمل مكياج كامل هو ما فضح أمرهم بتشبههم بالنساء، وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة سالفة الذكر والتي أفرد لها المشرع الجزائي عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة، فضلا أنه عقب رفض صاحبة الصالون دخولهم لعمل مكياج لهم أسوة بالنساء تعدوا عليها بالضرب، فضلا عن اتلافهم محتويات الصالون، وهو الأمر المعاقب عليه بالمادتين 163 ـ 249/2 من القانون الجزائي، حيث ان المادة الأولى تعاقب على التعدي بالإيذاء والتي أفرد لها المشرع الجزائي عقوبة الحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر بينما نص المادة الأخرى يعاقب على الإتلاف العمدي والذي أفرد له المشرع الجزائي عقوبة الحبس التي لا تجاوز سنتين، ولما كانت الأفعال المجرمة التي أتاها هؤلاء الشباب المتشبهون بالنساء قد انتظمها سلوك إجرامي واحد، فانهم يتعين معه عقابهم بعقوبة الجريمة الأشد وهي الاتلاف العمدي والتي أفرد لها المشرع الجزائي عقوبة الحبس التي لا تجاوز سنتين. وفي نهاية مقالي هذا، أنادي المشرع الكويتي بأن يعيد النظر في نص المادة 198 من قانون الجزاء وذلك بتشديد العقوبة على كل من يتشبه بالنساء وهو قاصد وعالم وخال من الأمراض النفسية والعقلية حتى يكون هناك ردع لمن تسول له نفسه إتيان مثل تلك الأفعال مع إضافة نص في القانون يلزم المتهم أو ذويه بالخضوع للفحص والعلاج العقلي والنفسي لمعرفة الدوافع الفعلية وراء ارتكاب مثل هذا السلوك المستهجن، ولتحديد وضعهم ما إذا كانوا مرضى نفسيين أو عقليين بسبب عوامل اجتماعية أو وراثية أو سيكولوجية وذلك أملا في علاجهم وإصلاحهم وإعادتهم رجالا أسوياء في المجتمع.والله ولي التوفيق
www.riyad-center.com