انقطاع الكهرباء عن بعض المناطق في البلاد قد يكون أمرا معتادا نتيجة للحمل الزائد واستخدامنا للكهرباء بصورة خاطئة وقد حدث هذا نتيجة موجة الحرارة الشديدة التي اجتاحت البلاد في الأونة الأخيرة وذلك في فترة الصيف الماضي أما الآن وتحديدا يوم الأحد الماضي فقد انقطعت الكهرباء عن عدة مناطق منها المهبولة والفنطاس والفنيطيس وأبو الحصانية، الأمر الذي أثار تعجب المختصين في وزارة الكهرباء حيث اننا في شهور لا تحتمل هذا الانقطاع ولا يوجد حمل على استعمال الكهرباء وهو ما جعلهم يحددون موقع الخلل في محطة تحويل رئيسية ومقرها الفنطاس وعلى الفور توجه فريق الطوارئ لمعرفة السبب ومعالجته إلا أن المفاجأة أن فريق الطوارئ وجد ثلاثة فنيين في المحطة يقومون بعملهم الإجرامي وهو سرقة الكيبلات واثناء الإمساك بهم أفلت اثنان منهم بينما لم يتمكن الثالث من الهرب ليكون مصيره الوقوع في أيدي فريق الطوارئ الذين بادروا بإبلاغ الجهات المسؤولة فأبلغت وزارة الداخلية بالأمر وتم اقتياد المتهم لمخفر الفنطاس للتحقيق معه وقد اعترف المتهم وهو مهندس كهرباء لا يعمل بالوزارة بما قام به مع شركائه الهاربين لسرقة الكيبلات الكهربائية والتي تصل قيمتها إلى 36000 ألف دينار وذلك من مناطق مختلفة إلا أن الغريب والمثير للدهشة من اعتراف ذلك المهندس والمضبوط بالجرم المشهود أن الأماكن التي قام بسرقتها مع آخرين وشهدت تلك السرقات تم دخولها دون كسر لأبواب بعض المحولات ومحطات التحويل الرئيسية والثانوية وهو ما يشير إلى احتمال تورط وتعاون بعض العاملين في الوزارة من الفنيين والمهندسين معه لاسيما أنه ضبط بحوزته مفاتيح تطابق أقفال بعض المحطات التي قاموا بسرقة كيبلات منها وهو ما يعزز تلك الفرضية وهو ما يجعلنا نشير الى ضرورة أن تأخذ التحقيقات منحى آخر بالبحث عن أطراف متورطة من داخل الوزارة في تلك السرقات وبعد قراءتي لهذا الموضوع تساءلت: ألهذا الحد وصلت الجرأة بهذا المهندس وأعوانه لسرقة كيبلات كهربائية؟
ومن المتورط معه في تلك السرقات لاسيما أن دخول تلك المواقع التي سرقت حدث دون كسر لأبواب أو ما شابه ذلك بل دخلها بمفاتيح معه تطابق الأقفال الموجودة بالمحطات مما يثير علامات تعجب ولابد لها من إجابة مقنعة؟ والإجابة تكمن في اشتراك أفراد من الفنيين والمهندسين بوزارة الكهرباء مع المهندس المضبوط بالجرم المشهود في تلك السرقات والتي لابد من قيام المباحث بالتحري عن الواقعة لمعرفة تفاصيلها حتى يتم الإيقاع بالمتسببين العاملين بالوزارة الذين سهلوا لهذا اللص سرقة تلك الكيبلات الكهربائية، والمنظار القانوني لهذه الواقعة يثير نقطة مهمة أن المتهم بالجرم المشهود مهندس كهرباء لا يعمل بوزارة الكهرباء وأن الذي سهل له الاستيلاء على الكيبلات موظفون أو فنيون أو مهندسون داخل الوزارة، الأمر الذي أفرد المشرع الجزائي نص المادة 10 من قانون السنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة لهذه الواقعة والتي تعاقب كل موظف عام أو مستخدم أو عامل استولى بغير حق على مال الدولة أو سهل ذلك للغير، فلاشك أن شركاء المهندس المضبوط موظفون عموميون بوزارة الكهرباء وأنهم سهلوا له وعاونوه على ارتكاب تلك الجرائم في مناطق كثيرة في البلاد، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء منها وهو الأمر المجرم عليه بالمادة سالفة الذكر والتي أفرد لها المشرع الجزائي عقوبة السجن المؤقت الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات، فضلا عن عقوبة العزل التي تلاحق هؤلاء الموظفين المتورطين مع اللص عملا بالمادة 16 من نفس القانون ولا يغيب عن الأذهان عقوبة الإبعاد التي تلاحق ذلك المهندس لأنه أجنبي وهو الأمر الذي نصت عليه المادة 79/2 من قانون الجزاء وذلك بعد تنفيذ الحكم في تلك الجناية، وفي النهاية لابد أن تأخذ تلك الجريمة مبلغ الجد من قبل المباحث وأن يأخذ التحقيق منحى آخر وذلك للكشف عن الموظفين والفنيين المتورطين مع ذلك المهندس في سرقة تلك الكيبلات والتي أدت إلى انقطاع الكهرباء عن البلاد في الآونة الأخيرة وذلك حتى يمكن للقانون أن يقتص منهم وينالوا جزاء ما اقترفته أيديهم الملوثة بسرقة أموال الدولة والإضرار بها.
www.riyad-center.com