شهدت البلاد أمس الاول حادثين مؤسفين راح ضحيتهما شابان من شباب الكويت الاول هو العسكري الشهيد عبدالرحمن الوادي العنزي والثاني الشاب المرحوم المتهم محمد المطيري وعليه اذكر الآتي:
من اوائل مسؤوليات أي حكومة في أي دولة هو تحقيق الامن الفردي:
يعني ضمان قدر من الطمأنينة يستطيع الفرد بفضلها وحسب القوانين المعمول بها ان ينظم شؤون حياته ويخطط لمستقبله.
ما يعني ضرورة ان توفر الدولة للافراد الضمانات التي تولد عندهم قدرا من الشعور بالاطمئنان بأنه في منجى من الاعمال التعسفية المادية كالقبض والحبس بدون وجه حق، العقاب الظالم المستبد وهو ما تحرص على تأكيده دائما الدساتير وتفنده عادة قوانين الاجراءات الجزائية ولهذا سمي القانون الاخير بأنه الدرع الواقية لسائر الحريات والمنظم الرئيسي للعلاقة ما بين السلطة والافراد.
وقد تأتي اهمية القانون وما ورد به من حقوق في زمن الدولة الحديثة والتكنولوجيا حيث اتسعت رقعة التجريم والعقاب وذلك نظرا لاتساع اغراض الدولة الحديثة وتعدد اختصاصاتها فدخلت في دائرة التجريم والعقاب قوائم طويلة من الجرائم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، صارت بفضلها فئات كثيرة من افراد المجتمع معرضة للاتهام الجنائي وما هي الا خطوات بسيطة جدا قد تنعدم في أي لحظة ولاي سبب ويتحول بموجبها أي شخص مهما علا مقامه الى متهم وهذا ما اكده الدستور الكويتي في المواد (29) بأن الناس سواسية في الكرامة (30) الحرية الشخصية مكفولة (31) لا يجوز القبض.. ولا يعرض أي انسان للتعذيب او المعاملة الحاطة بالكرامة.. (32) لا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون.. (34) المتهم بريء حتى تثبت ادانته.. الى آخره من المواد التي تؤكد حق الفرد في الأمان الفردي.. والتي فندها قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية بكثير من التدقيق، وبتطبيق هذا على موضوعنا أعلاه نقول الآتي: أولا: بالنسبة للمرحوم محمد المطيري توجد روايتان تناقلتهما الصحف مثل القبس وعالم اليوم وبعض الاعضاء الذين حاولوا استغلال هذا الحادث في تأكيد رغبتهم السياسية في عدم التعاون مع الحكومة عموما ومطالبة بإقالة او استقالة وزير الداخلية ولكن بالنسبة لي فاني سوف اتناول الموضوع بصفة فنية وقانونية وانسانية مجردة نظرا لأهمية هذا الامر بالنسبة لي ولاي مواطن وللبلد عموما:
فالقول بأن المتهم المرحوم قد تعرض للتعذيب وان هذا هو سبب الوفاة وان اثار التعذيب ظاهرة في جثة المتوفى.. فبالتأكيد هذا أمر مرفوض وجريمة شنعاء يجب محاسبة مرتكبيها حسب ما تنص عليه القوانين.. ويجب على وزير الداخلية ان يتخذ اللازم حيال هذا الامر، ان صدقت هذه الرواية. اما الرواية الأخرى وهي بيان الداخلية والأرجح حسب تعاملنا مع هذا الجهاز.. الا نه مع هذا فان هذا لا يعفي الداخلية من المسؤولية كالآتي:
المتهم تم ضبطه يوم السبت الموافق 8/1/2011 بمنطقة الجليب بعد اخذ إذن النيابة العامة لاتجاره بالمشروبات الروحية وضبطه متلبسا اثناء كمين شراء مع المباحث، وصاحب عملية الضبط مقاومة المتهم للقوة المكلفة بضبطه، حيث أشهر آلة حادة (سكينا) محاولا طعن الضابط والقوة المرافقة معه ولاذ بالفرار.. متسلقا أسوار البنايات وبعد محاصرته تناول (لوحا خشبيا) استغله في ضرب الضابط وأفراد القوة المشاركة، إلا أنه قد تمت السيطرة عليه وقد نتج عن ذلك إصابة بعض أفراد القوة بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية.
ولما كان المتهم قد ضبط متلبسا بالجريمة، بعد استصدار إذن من النيابة العامة بالضبط والتفتيش وقد اعترف بجريمته، ومن ثم فليس هناك ما يدعو للحصول على أي اعترافات تحت ضغط أو إكراه.
وقد أفاد المتهم بأنه يشعر بآلام بصدره، وعلى ضوء ذلك تم استدعاء سيارة الاسعاف، حيث قام المسعفون بإجراء اللازم له وبعد فترة شعر بالألم ذاته وتم نقله إلى مستشفى شركة نفط الكويت بالأحمدي، حيث وافته المنية هناك. علما بأن المتهم قد سبق أن تم ضبطه في عدة جرائم، وهي: حيازة مواد مخدرة بقصد التعاطي. ترويج أو شراء مسكرات. قيادة مركبة تحت تأثير مشروبات روحية. اعتداء بالضرب.. والأذى البليغ. من واقع بيان وزارة الداخلية يتضح لدينا الخلل الفني في الامر وهو ان المتهم من اصحاب السوابق حيث تم ضبطه في عدة جرائم حيازة مواد مخدرة ترويج وشراء مسكرات.. الضرب.. الاذى البليغ.. الخ.. أي اننا نتكلم عن انسان متعاط للمخدرات وهذا النوع من الشباب الذي وقع في براثين هذه الآفة وما اكثرهم فقد لا تخلو اسرة من واحد او اكثر من شبابها فلذات كبدها الا وتعرض لعدد من اصحاب سوء أغواه لتعاطي مخدر ما او لاستغلال تجار السموم. ولهذا وجب التعامل الفني الطبي الدقيق والسريع مع مثل هؤلاء خلال عملية ضبطهم او حجزهم او التحقيق معهم. من كل ما سبق يتضح لنا أن الشخص المضبوط في واقعة مخدرات او مؤثرات عقلية او خمور او استنتج الضابط له انه واحد من هؤلاء فان عليه فورا ان يحيله للمباحث المختصة في هذا وهي جهة الخمور والمخدرات. فمتعاطي المواد المخدرة او المؤثرات العقلية يكون شرسا في اغلب الاحيان ومستعدا لفعل أي شيء واي جرم مهما كبر في سبيل حصوله على المادة محل التعاطي ولو اخذنا على سبيل المثال اعراض بعض المواد المخدرة خاصة في حالة توقفه فجأة عن اخذها (أي الاعراض الانسحابية) كالآتي:
الافيون: يحدث اضطرابا في الجهاز الهضمي والجهاز العصبي وينتهي بالجنون وفي حالة الاقلاع عنه ينتاب المريض اعراض مثل الاسهال الشديد وبرودة الاطراف والالام الشديدة في كل الاعضاء.
المورفين: يضعف الشعور والاحساس ويجعل الانسان عصبي المزاج يهمل نفسه في سبيل الحصول على المخدر بأي وسيلة كانت حتى ولو كان المقابل ان يرتكب ابشع جريمة. ويؤثر على الجهاز العصبي الرئيسي والمعدة عند تعاطيه وتقل حركة الانسان الاختيارية ثم يحدث تثاقلا ثم انعاشا ثم نوما. الهيروين: اعراضه شرود الذهن، يكون مهملا في حياته العامة واذا ما زادت الجرعة استولت على الشخص حالة هياج شديد واعترته تشنجات تنتهي في اغلب الاحيان الى الموت بسبب انقطاع النفس. الحشيش: يؤدي استعماله الى فقدان شعور الشخص ورغبة في الضحك بدون سبب كما يعبر عن شعوره بصورة مبالغ فيها ويعتبر الحشيش وعند استعماله بكميات كبيرة يكون تأثيره مماثلا لمواد الهلوسة. هذا بالاضافة الى المخدرات التخليقية او الصناعية وهي كثيرة ومنتشرة في اوساط الشباب باسماء شعبية كثيرة ولها اسماء علمية كثيرة مثل الماكستون فورت وميثامينامين والنزورين والدكسافيتامين والديفنيامين وهي جميعا تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وتسبب هياجا لدى متعاطيها بالاضافة الى عقاقير او حبوب الهلوسة المختلفة. وعليه فواجب هذه الجهة ان تتعامل مع هذا الشخص باعتباره مريضا.. وان كنا في ذات الوقت نرى انه في حقها استخدام القوة في القدر اللازم للتنفيذ والجدية والحزم في تتبع الجريمة وضبط مرتكبيها حفاظا على عدم سقوط ضحايا جدد بهذه السموم الا اننا مع هذا نلزم هذا الجهاز بضرورة التعامل مع هؤلاء باعتبارهم مرضى وضحايا سابقين.. وألا يستغل او يسئ تفسير عنفهم وعدم انصياعهم للقانون بسهولة وللامر وبمرونة لان اجسامهم مسممة ولهذا وجب على جهاز المخدرات فور ضبط أي متهم في هذا الحقل ان يعرضه على اخصائي نفسي متخصص في هذا المجال، ويجرى له التحاليل اللازمة.. ويصرف له العلاج الضروري الذي يقيه من التشنجات والالام او الموت. ولا يجوز بأي حال من الاحوال (كما يحدث كثيرا) استغلال الاعراض والآلالم التي يتعرض لها المتهم لنزع اعتراف منه او تأليمه لضبط متعاط او متهم اخر.. لان هذا ليس عنفا عاديا وانما عنف قاتل اتمنى من الاخوة الضباط ومسؤولي الداخلية ان يعيدوا النظر فنيا وطبيا في كيفية التعامل مع متهمين ومتعاطين للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية عموما.
ثانيا: اما بالنسبة لشهيد الواجب عبدالرحمن الوادي والذي مازال يعتبر حدثا من وجهة نظر القانون المدني لانه من مواليد 1990 أي لم يكمل 21 سنة أي سن الرشد وان الواقعة باختصار حسب ما نقلتها جريدة الوطن ص41 ليوم 11/1/2011 (تفاصيل الواقعة بدأت ظهر امس عندما شاهد افراد زوارق خفر السواحل زورقا عراقيا داخل المياه الاقليمية قرب جزيرة فيلكا فتوجهوا اليه واوقفوه وكإجراء احترازي ودوري نزل الشهيد الى زورقهم للتفتيش ولوجود ممنوعات معهم امسك به اربعة عراقيين وجردوه من مسدسه وساموا رجال خفر السواحل على تركهم يذهبون او انهم سيقتلون الرهينة وفروا ومعهم العسكري الكويتي فطاردهم الزورق الكويتي وخلال ذلك اخذوا يضربون الشهيد ثم اطلقوا النار عليه من مسدسه واغمي عليه فتم اطلاق النار عليهم من قبل زورق خفر السواحل والذي طلب اسناد بقية الزوارق والطيران العمودي خلال المطاردة وبعد تكثيف اطلاق النار ثم اغراق زورق العراقيين وتم انتشال العسكري والذي اسعف للمركز الصحي التابع للجيش في جزيرة فيلكا لكنه فارق الحياة متأثرا باصابته والقي القبض على الجناة). باختصار شديد ان أي متتبع لهذه القصة يجد هناك اخطاء عديدة فيها واخطاء جسيمة يجب على جهاز مثل خفر السواحل ألا يقع فيها.. اولها نزول الشهيد وحده في مركب عراقي فيه اكثر من شخص.. «سن الشهيد وخبرته .. » وطريقة تغطية وتعامل القوة مع القراصنة والمتهمين خاصة بعد هيمنتهم على الشهيد.
الحقيقة هذه بعض الملاحظات الفنية والمهنية والقانونية رأيت عرضها في تعليقي هذا بغرض الافادة مستقبلا.. وحتى لا نفقد مزيدا من الشباب، وعليه نتمنى من الصحافة المحلية نشر تصريحنا هذا بعيدا عن الحسابات السياسية لان القصد منه المصلحة الانسانية والوطنية.
www.riyad-center.com