تعتبر جرائم الانترنت هي النوع الشائع لآلاف من الجرائم، إذ انها تختلف عن غيرها ويمكن تعريف تلك الجرائم بأنها «الجرائم التي لا تعرف الحدود الجغرافية والتي يتم ارتكابها بأداة هي الحاسب الآلي عن طريق شبكة الانترنت وبواسطة شخص على دراية فائقة به»، وتعتبر الجرائم التي ترتكب من خلال شبكة الانترنت هي جرائم ذات خصائص متفرقة خاصة بها لا تتوافر في أي من الجرائم التقليدية في أسلوبها وطريقه ارتكابها والتي ترتكب يوميا في جميع دولة العالم ولقد اخترت للقارئ القانوني والعادي على حد سواء جريمة من جرائم الانترنت انتشرت في وطننا المعروف بأعرافه وتقاليده وانتشرت بين شريحة كبرى من شبابنا، ألا وهي الجرائم والممارسات الجنسية وغير الأخلاقية أو بمعنى أدق «المواقع الإباحية»، فالبين أن شبكة الانترنت وفرت أكثر الوسائل فاعلية وجاذبية لصناعة ونشر الإباحة الجنسية بشتى وسائل عرضها من صور وفيديو وحوارات سواء كانت مسجلة أو مباشرة في متناول الجميع، ويعتبر ذلك من أكبر سلبيات شبكة الانترنت والمواقع الجنسية الإباحية الموجودة بكثرة على شبكة الانترنت لها هدف هو تحقيق الكثير من المكاسب المادية عن طريق زيادة مرتاديها وأن تشترط دفع مبالغ مالية مقابل الحصول على خدماتها المتمثلة في عرض وتحميل الأفلام البرنور الإباحية، فإنها تحاول ذلك عن طريق إعطاء مرتادي تلك المواقع الصور الجنسية بلا أي مقابل مادي لتحاول جذب من يرتاد تلك المواقع إليها، وزيادة على ذلك فإن تلك المواقع الإباحية تحاول في كل وقت تسهيل عملية الدخول على مواقعها وكذلك تسهيل عملية الحصول على ما تقدمه من برامج وأفلام وصور إباحية لمرتاديها، وقد يبدو للبعض أن تلك المشكلة هي مشكلة محلية خاصة بنا على أساس أن عاداتنا وتقاليدنا ترفض ذلك وتحرمه إلا أن تلك المشكلة هي عالمية تحاول كل الدول كل بطريقتها مقاومة تلك المشكلة والحد من آثارها، وعن نشر شبكة «c.n.n» في عام 2003 في موقعها على شبكة الانترنت عنوان هو «سهولة الوصول إلى الملفات الإباحية» ذكرت فيه أن الوصول الآن إلى الملفات الإباحية أصبح بنفس السهولة التي يمكن الوصول بها إلى ملفات الموسيقى، وتوجد الآن آلاف المواقع الإباحية الجنسية والتي أصبحت أكثر تخصصية، فمنها ما هو متخصص في أفلام الفيديو ومنها ما هو متخصص في الصور والكثير منها متخصص في برامج المحادثة، وللأسف فإن كل تلك الأنواع من المواقع تجد الكثير جدا من الإقبال على زيارتها وتصفح محتوياتها الإباحية، ومن جهة أخرى فقد أوضحت دراسة أجريت أن أكثر زوار المواقع الإباحية هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاما في حين تمثل الصفحات الإباحية أكثر صفحات الانترنت طلبا، وأخيرا لابد من الربط بين زيادة مثل تلك المواقع الإباحية الخليعة والتي تضغط على الغرائز وتثيرها في مجتمعات محافظة جنسيا كالمجتمع الذي نعيش فيه وبين زيادة الجرائم الجنسية التي زاد عددها وبعد هذا العرض الموجز فإن التكييف القانوني لتلك الجريمة يلقي بظلاله علينا، فالإباحية الجنسية هي أمر محرم في جميع القوانين العربية، ومنها قانون الجزاء الخاص بنا فهي تندرج تحت جريمة مسماها «إتيان الأعمال الفاضحة علنيا والتحريض على ممارستها» ويعد من الأمور المشددة في التجريم أمران هما: 1- العلنية أثناء ممارسة هذا الفعل. 2- العلنية في التحريض على ممارسته، ومثال ذلك ما هو منصوص عليه بقانون الجزاء الكويتي من تجريم تلك الأفعال وعقاب من يقوم بها، إذ يقضي قانون الجزاء في مادته 198 «كل من فعل علانية فعلا فاضحا مخلا بالحياء» كذلك ما ينص عليه «من التحريض على الفسق والدعارة» وهو ما حوته المواد من 202 الى 204 من قانون الجزاء وأفردت له عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين وأكثر ولما كانت شبكة الانترنت تعد مكانا مطروقا من الكثير من الشخصيات بل انها مطروقة من أشخاص من جميع الجنسيات على مستوى العالم، وهو ما يجعلها تحمل نفس خصائص الطريق العام أو المكان المعروف المنصوص عليهما في قانون الجزاء الكويتي، كما أن شبكة الانترنت تحمل صفة العلانية بمعنى أن من يقوم بفعل على الشبكة يكون بإمكان أي من مرتادي الشبكة الاطلاع عليه كما أن المواقع الإباحية المنتشرة على شبكة الانترنت هي مواقع تحرض على الفسق، والأكثر من ذلك أنها لا تحرض على الفسق فقط بالإشارة والقول وإنما أكثر من ذلك فهي تحرض على الفسق بالصور وأفلام البورنو (الجنس) وهو الفعل المؤثم بقانون الجزاء الكويتي في المواد من 204 إلى 209 والتي أفرد لها المشرع عقوبة الحبس فضلا عما قننه المشرع في قانون إساءة استعمال وسائل الاتصالات بالقانون 9/2007 في مادته رقم 1 مكرر والتي أفرد لها عقوبة قد تصل للحبس مدة تجاوز السنتين.
وفي نهاية مقالي هذا لابد من الإشارة إلى أن تأثير تلك المواقع على البلاد يكون من خلال التأثير على شبابنا الذي هو الأساس الذي ترتكز عليه البلاد في تحقيق نموها وطموحاتها وتهدف إليه في مستقبلها، وهو ما يجعلنا ننادي بتتبع تلك المواقع من خلال وزارة الداخلية الملقى على عاتقها تتبع وملاحظة هؤلاء المجرمين الذين على درجة تقنيه عالية في مجال الحاسبات وشبكة الانترنت ويرتكبون جرائمهم بطرق متطورة على المجتمع إلا أنني أرى أن وجود نصوص قانونية يتم تطبيقها على تلك الجرائم الدنيئة لا يغني عن الحاجة إلى وضع نصوص قانونية جديدة ومتطورة تغطي تلك الجرائم الجديدة وما قد يستجد عليها من جرائم بالتطور التقني الذي نعيشه حاليا والذكاء ودرجة التقنية العالية التي يكون عليها هؤلاء المجرمون تنبئ بأنه في المستقبل القريب سنواجه العديد من الجرائم الشديدة التطور والتي لا تجد لها نصا قانونيا تقع تحت طائلته من تلك النصوص القانونية التقليدية القديمة التي تضع الجرائم التي ترتكب حاليا في نطاقها، فنحن في حاجة لتلك النصوص القانونية الجديدة بحيث نجرم تلك الجرائم التكنولوجية الجديدة وما قد يستجد عليها من الجرائم ومن تطور على أدوات ارتكابها مثل تلك الجرائم حتى لا يأتي الوقت الذي تقف فيه يد القانون عاجزة عن أن تقتص حق المجتمع من تلك الفئة المنحرفة التي تستغل التكنولوجيا المدنية والتطور التقني في ارتكاب الجرائم بدلا من استغلالها فيما يفيد المجتمع والاقتصاد الوطني.
www.riyad-center.com