ما حدث بالأمس من خروج أبناء فئة «غير محددي الجنسية» مطالبين الدولة بمعالجة قضيتهم في مظاهرة غير سلمية أمر لا نرضى به على الإطلاق حيث تحولت تلك المظاهرات إلى أعمال شغب وهو ما دفع رجال الأمن والقوات الخاصة للتعامل مع هؤلاء المتظاهرين بتفريقهم وضبط عدد منهم، وكل ما أقوله ان مثل تلك المظاهرات تسيء للكويت وكذلك لتلك الفئة، فكل من يسعى الى تفويض الديموقراطية في بلادنا تحت حجج واهية يمكن حلها بالحوار السلمي سنقف له بالمرصاد، لأنه يجب أن يكون رائدنا في ذلك المصلحة العليا للوطن، فالدولة يحكمها دستور وقانون وهما عماد بنائها والأساس لأي عملية تصحيحية بها، فلا استقرار دون دستور وقانون ولا تصحيح دون تحقيق الديموقراطية وتصحيح مسارها، فيجب على هؤلاء المتظاهرين الذين يطالبون بحقوقهم أن تكون مطالبتهم بالسير على النهج السليم للديموقراطية وأن يكون ذلك بالحوار البناء.
أما التحريض على الشغب والفتنة فلابد أن توقف ويجب على هؤلاء المتظاهرين استيعاب تلك الرسالة ومراعاة معادلة الحرية والمسؤولية لتفادي المساس بأمن واستقرار البلاد ـ فالمؤسسات السياسية والندوات البناءة هي الإطار الأنسب للنقاش الديموقراطي وليس التظاهرات في الشارع ـ فما شهدناه على الساحة المحلية بالأمس من مظاهرات وممارسات مؤسفة من خلال التجمعات والتظاهرات واستخدام العنف بدلا من الحوار يتنافى مع ما جبل عليه مجتمعنا من روح التآخي والمحبة والالتزام بالمسؤولية والديموقراطية فما حدث بتلك التظاهرات ليس خطأ من قوات الأمن فهي كانت تقوم بدورها في تطبيق القانون، ولكن بسبب تصرفات من حرض هذه الفئة على القيام بتلك المظاهرات فكل ما يهمهم هو أن تنحرف الديموقراطية في بلادنا عن مسارها الصحيح، فيجب الا تنسى هذه الفئة أن الكويت لم ولن تبخل عليهم لا بالتعليم ولا بالصحة ولا بغيرهما من مجالات الحياة الأخرى ـ لذلك فانني استغرب من قفز فئة «غير محددي الجنسية» على وصلة التظاهرات متجاهلين وسائل أخرى قد تكون أكثر فاعلية مثل الحوار البناء مع الحكومة أو طرح الموضوع على مجلس الأمة ومناقشته وانني على يقين بأن الحكومة لديها رغبة ملحة وسريعة في حل تلك المشكلة لكن يجب أن يكون الحل من خلال قنوات شرعية لا من خلال تجمعات وتظاهرات تؤدي إلى شغب في البلاد.
فلابد لهذه الفئة أن تغلب العقل والمصلحة العامة للبلاد على أي غاية شخصية لها ولا يغيب عن أذهاننا دور وأهمية وسائل الاعلام في معالجة تلك القضية بروح عقلاني وهو ما تنتهجه تلك الوسائل، إلا أن البعض من هؤلاء المتظاهرين يسيء استخدام تلك الأدوات في الانحراف بالديموقراطية عن مسارها الصحيح والحقيقي، وإذا كنا نؤكد حق هؤلاء المتظاهرين من فئة «غير محددي الجنسية» في التعبير عن آرائهم إلا أن ذلك لابد أن يكون بعيدا عن تأجيج المشاعر غير المبررة ونقل آرائهم للشارع والقيام بأعمال الشغب لما فيه من الإخلال بالنظام العام في البلاد، فما فعله هؤلاء المتظاهرون يعد جريمة مشهودة مجرمة قانونا وأن المادتين 16 و20 من قانون 65 لسنة 1979 بشأن التجمعات أفردتا عقوبة على ذلك حيث نصت المادة 16 على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تتجاوز ألف دينار أو بأحدى هاتين العقوبتين كل من نظم أو عـــــقد اجتماعا عاما أو موكبا أو مظاهرة أو تجمعا دون ترخيـــــص وكل من دعا إلى ذلك، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثــــة أشهر وغرامة لا تتجاوز مائتي دينار أو باحـــدى هاتين العقوبتين كل من أشترك في اجتماع عام أو موكب أو مظاهرة غير مرخص لها.
كما نصت المادة (20) على ان يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة دينار أو باحدى هاتين العقوبتين كل من لا يستجيب للأمر الصادر بفض تلك المظاهرات، فضلا عن ان هؤلاء المتظاهرين اشتركوا في الاشتباك مع قوات الأمن التي خرجت لفض تلك التظاهرات الأمر الذي أوقع هؤلاء المتظاهرين لعقاب المادة 135 من قانون الجزاء والتي أفرد لها المشرع الجزائي عقوبة الحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات.
لذا فانني في نهاية هذا المقال أقول ان من حقوق هؤلاء الفئة أن نسمع لهم، لأنهم أبناء الوطن ولا نشك في ولائهم كونهم قدموا الكثير من الشهداء فداء لهذا الوطن ولهم اقارب وابناء كويتيون إلا أنه يجب أن يكون ذلك في الإطار السليم والديموقراطي والحوار البناء لا قيامهم بالمظاهرات وأعمال الشغب وانني أدعو الحكومة بالتحرك السليم نحو هذا الملف بحيث تتخذ خطـــــــوات عملية توفق بين مصلحة البلد من جهة ورفع المعاناة عن هــــذه الفئة من جــــهة أخرى وتسهيل حياتهم وذلك في إطار الشرعيــــة والديموقراطية.
www.riyad-center.com