نعلم جيدا وعلى نحو مؤكد وقاطع أن قانون إقامة الأجانب في بلدنا يشترط خلو الأجنبي الوافد من الأمراض المعدية والوبائية مثل التهاب الكبد الوبائي والايدز وبعض الأمراض الأخرى التي نترك تحديدها للأطباء المختصين، وهذا حرصا على حماية البلاد من تلك الأمراض والأوبئة، ومن هنا أشير إلى أن الإجراءات المتبعة عندما يأتي وافد للبلاد ولإلحاقه بالعمل تقوم سفارتنا في جميع الدول بإجراء فحوصات طبية لهم وذلك في بلد الوافد، وذلك بصورة مبدئية، وهي كشف صدر وبطن ونظر ثم فحوص مخبرية وهو تحليل الدم لمعرفة الأمراض الكامنة والمزمنة وعقب حصوله على تلك الفحوصات بأنه «لائق» وخالٍ من الأمراض فضلا عن استخراجه صحيفة للحالة الجنائية بأنه خالٍ من السوابق، يأتي للبلاد ويتم إجراء فحوصات أخرى له بوزارة الصحة وعلى أساسها تعطي إدارة الصحة العامة شهادة اللياقة الصحية لبدء إجراءات عمل الإقامة، كل ذلك قبل منح الإقامة من وزارة الداخلية، وهذا إجراء واجب اتباعه قانونا، وذلك من جانب من يحرصون على حماية البلاد من الأمراض والأوبئة إلا أن هناك تجاوزات وانحرافات جمة نسردها بشيء من الإيجاز ثم نسرد الرؤية القانونية لتلك التجاوزات مؤيدة بمواد القانون حتى نستطيع الوصول للمسؤول عن تلك التجاوزات وتقديمه للعدالة لكي تقتص منه بالعقاب اللازم حتى يكون رادعا لكل من تسول له نفسه إتيان هذا العمل مستقبلا ولنحمى بلادنا من التفشي المزمن للأمراض مما يعرض أولادنا وشعبنا لخطر الأمراض.
أقول ان هناك خللا واضحا وصارخا في إجراءات الفحوصات والتحاليل وشهادات اللياقة الصحية، ويكمن هذا الخلل في أن الوافد عندما يأتي للبلاد للعمل لابد من إجراء تحاليل له، وبعد إجرائها تثبت تلك التحاليل إصابتهم بأمراض وبائية ومعدية تمنع من منحهم حق الإقامة والعمل بالبلاد، وتقوم وزارة الصحة بإخطار وزارة الداخلية لوقف منحهم الإقامة، بل وإبعادهم عن البلاد، فهذا المرض المثبت بالتحاليل لا يجد سوى تفسير واحد أن المرض كامن لديهم قبل وصولهم للبلاد إلا أنهم تمكنوا بالتزوير من الحصول على الشهادة الصحية من بلادهم بخلوهم من الأمراض المعدية والوبائية إمعانا منهم في أنه لن ينفضح أمرهم في الدولة التي أتوا إليها ثم يفاجأون بإجراء الكشف الطبي عليهم وينكشف الأمر بوجود أمراض وبائية كامنة فيهم ومعدية، لكن التساؤل الهام هو انه عقب الكشف عليهم مرة اخرى بالدولة التي يرغبون في العمل لديها يتبين أن لديهم أمراضا كامنة ووبائية ويثبت ذلك في شهادة اللياقة الصحية بعبارة «غير لائق» ويمنع من دخول البلاد، بل والإقامة إلا انه يحدث تزوير وتغيير في الشهادة الصحية من عبارة «غير لائق» إلى «لائق صحيا» بعد أيام معدودة دون تفسير طبي مقبول إلا أن له تفسيرا قانونيا سنشير إليه ويؤدي بنا إلى الكشف عن لغز تزوير تلك الشهادات، حيث ان الفحص الأول عقب وصول الوافد وإجراء الكشف عليه يتبين أنه «غير لائق» وبناء على ذلك يمنع من الإقامة ويدرج في قائمة الممنوع من دخول البلاد، بل وإبعادهم منها، إلا أنه وبإعادة الفحص يتبين أن المريض لائق طبيا لمنحه الإقامة، إذن أين كان الفحص الأول وما وجه الاختلاف الذي أدى للنتيجة الثانية، هل يمكن أن يكون تم علاجه خلال أيام معدودة وشفي من المرض؟ هذه أسئلة لها إجابات قانونية، وأقول ان هذا الموضوع يفتح ملف العبث بالأمن الصحي للوطن ويكشف عن ضعفاء النفوس الذين لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية ويضربون عرض الحائط بمصلحة وسمعة الوطن، والمنظار القانوني لهذه الواقعة يلقي بظلاله عليها، فهؤلاء العابثون بمصلحة الوطن يرتكبون جرائم تناولها قانون الجزاء الكويتي فهؤلاء موظفون يعملون بوزارة الصحة تقاضوا مبالغ عبارة عن عطية مقابل أداء عمل من أعمال وظيفتهم، فقاموا بأخذ هذا المقابل، واستغلالا لنفوذهم الحقيقي قاموا بتزوير نتائج الفحص الطبي للوافدين بإصباغ لفظ «لائق» على خلاف الحقيقة حتى يتيحوا لهؤلاء الوافدين تقديم تلك التقارير لاستكمال أوراقهم حتى يقدموها إلى المصالح العامة أو الخاصة الذين أتوا إليها للعمل فيها، وهو ما جرمه المشرع الكويتي في مادتيه 35 و36 من قانون الجزاء، والتي افرد لها المشرع الجزائي عقوبة السجن مدة لا تجاوز عشر سنوات فضلا عن اشتراك هؤلاء الموظفين في جناية التزوير في التقارير الطبية، وهو ما أوقعهم تحت طائلة المواد 48 فقرة ثانيا وثالثا و259 و260 من قانون الجزاء والتي أفرد لها المشرع الجزائي عقوبة الحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، ولا يغيب عن الأذهان ما نصت عليه المادة 70 من قانون الجزاء من العقوبة التبعية التي تلحق بالعقوبة الأصلية وهي عزل الموظف عن وظيفته وذلك لارتكابه جناية الرشوة والتزوير في عمل من أعمال وظيفته، والآن بعد هذا العرض المبسط للقانون في رؤيتنا هذه نناشد وزير الداخلية ووزير الصحة التدخل قبل فوات الأوان بوضع حل لتلك التجاوزات وجمع التحريات وفحص ملفات العاملين القائمين على فحص وكتابة المحررات الرسمية (الشهادة الصحية) لضبط منحرفي تلك الوقائع.
www.riyad-center.com