مقالي الذي أتناوله الآن يثير مشكلة تفاقمت في الآونة الأخيرة في هذه الحقبة الزمنية، ألا وهي مشكلة المخدرات التي ضربت بجذورها في أعماق المجتمع الدولي وتفاقمت ظاهرتها في العصر الحالي، مما شغل بال ولاة الأمر في جميع الدول بسبب ما تجره من تدهور في الصحة العامة والأخلاق بل وتعطيل القوى البشرية عن العمل والإنتاج الأمر الذي جعل كافة الدول تبذل جهودا صادقة وكبيرة وتنفق أموالا طائلة لمكافحة تعاطي المخدرات أو جلبها أو حيازتها فضلا على أن القوانين بدأت تتخذ من التجريم والعقاب سلاحا رادعا بقصد الحماية من أخطار المخدرات بصورة تختلف في درجاتها وإن كانت ترصد أشد العقاب للجلب والحيازة بقصد الاتجار حيث إن هذه الأفعال تعد أصل الخطر وموطن الداء والسبب في انتشار التعاطي والإدمان. وما جعلني أتناول هذا الموضوع ما قرأته في «الأنباء» بعددها الصادر يوم 23/5/2011 أن معلومات وردت إلى وكيل الداخلية بالإنابة عن أن هناك شحنات ترد إلى البلاد من إيران وتحوى مواد مخدرة دون أن يعلم أصحاب هذه الشحنات بوجود مخدرات داخلها وأن هناك من يتتبع هذه الشحنات ويأخذ المواد المخدرة وعليه تم تكثيف الرقابة حول ميناء الدوحة والذي تصل إليه البضائع قادمة من إيران وبإجراء التحريات عن الواقعة أسفرت عن أن مواد مخدرة وصلت في شحنة أعلاف وعليه تم تتبع شحنة الأعلاف وحال وقوف الشحنة محملة بالأعلاف خارج ميناء الدوحة تقدم وافدان وحملا المواد المخدرة فتم ضبطهما حيث تبين أنهما إيرانيان واعترفا بأنهما لجآ إلى هذا الأسلوب المبتكر وذلك حتى لا يستطيع أحد كشفهما حيث يضعان تلك المخدرات وهي من نوع «الايس» غالية القيمة والثمن في شحنات دون علم أصحاب تلك الشحنات بوجود مخدرات بها وأن لديهما مصادر داخل الميناء تبلغهما بأن الشحنة وصلت وغادرت داخل شحنة بعينها وأنهما يتسلمان هذه المخدرات من الشحنة دون معرفة أحد وبعد خروجها من الدائرة الجمركية وذلك لعدم شك أحد من العاملين بالجمارك في الشحنة حتى إن الشحنة قد تكون أعلافا أو غيرها وبداخلها المخدرات وهو ما لم يفطن إليه رجال الجمارك لكن رجال المخدرات كانوا لهم بالمرصاد ورصدوا تلك الأفعال المجرمة، تلك هي الواقعة التي سطرتها الجرائد اليومية. وقبل الخوض في المنظار القانوني لهذه الواقعة لابد من الإشارة إلى من يقومون بهذا العمل الإجرامي يكونون على درجة عالية وكبيرة من الخطورة ويتفننون في إدخال المخدرات بأساليب تحتاج إلى يقظة بالغة فقد يدخلونها في جيوب سرية لحقائب أو سيارات عادية أو شاحنات، وأحيانا في صناديق تحوي بضائع أخرى بحيث لا تثير الاشتباه، إذ يدسونها في البضائع حتى تفوت على المفتشين وأحيانا يضعونها في إطارات السيارات بل إن منهم من يضعها في أحزمة تربط على الجسم خاصة إذا كان المخدر بودرة أو حبوبا بيضاء ومنهم من يدسها في الحيوانات حتى إذا عبرت الحدود وابتعدت عن أعين الرقباء أخرجوها، أما في واقعتنا الماثلة فقد قام الجناة بوضعها في شحنات أعلاف دون علم أصحاب تلك الشحن حتى لا يمكن تفتيشها إلا أن يقظة رجال مكافحة المخدرات استطاعت اغتيال حيلهم الدنيئة وتم ضبطها داخل شحنه الأعلاف وأحبطوا تلك العملية حتى لا تدخل بلادنا أنواع جديدة من المخدرات وهي من نوع «الايس» غالي الثمن وتكون وجبة شهية لمتعاطي المزاج يدمرون بها وطننا. نعود للمنظار القانوني لتلك الواقعة فقانون المخدرات رقم 74 لسنة 1983 جرم في مادته (31) فقرة (أ) كل من استورد أو جلب مواد أو مستحضرات مخدرة أو ساعد في شيء من ذلك كفاعل أصلي أو شريك وكان هذا بقصد الاتجار قبل الحصول على ترخيص يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد كل من استورد مواد مخدرة من الخارج وإدخالها في اقليم الدولة. والخطر أنه ادخل هذه السموم وبدون ترخيص وانه أراد الاتجار بها وتوزيعها ونشرها في البلاد للكسب الحرام منها وهذا سلوك إجرامي خطر تكافحه الدول والهيئات الدولية ومما لا شك فيه أن الكمية المضبوطة الضخمة تفيد بأن غرض المتهمين هو الاتجار فيها وهو ما يخضعهم لتلك العقوبة وهذا بعد التنبه إلى خطورة هذه الجريمة التي تحطم طاقات وأبناء أي بلد تنتشر فيه. وقبل أن اختتم مقالي هذا أناشد أبنائي وإخواني الشباب والشابات للانتباه إلى التغرير بهم تحت أي ظرف بتعاطي المواد المخدرة بذريعة والله ولي التوفيق.
www.riyad-center.com