الحياة البشرية ما هي إلا أمل كبير، فالأمل هو نور الحياة، أمل في عمر مديد، يعيش الإنسان سعادته، ليسعد بأجمل لحظاته، وليتجرع مرارة أيامه، لتمر الأيام وتتقلب الأحوال، ليصبح في فرح ويمسي في شقاء، فلا طعم لأي سعادة بلا شقاء ولا إحساس براحة بغير الم، ليحاول الإنسان أن يستفيد من لحظات حياته، ليبث الفرحة والأمل في نفوس المحيطين به، ليستشعر أهمية الحياة ليؤثر ويتأثر بحياة الآخرين ليطمح الى عمر مديد، فالحياة كالشمعة لا تستطيع أن تجعلها أطول ولكن تستطيع أن تجعلها أكثر طيلة، ولكن عندما يذهب نور الأمل وتأتي رياح اليأس لحياة الإنسان فلا يرى أي سعادة بل لا ينظر إلا على كل شقاء والم، لتصبح الحياة بالنسبة اليه بلا قيمة أو معنى، ليضعف إيمانه ولتتآكل عزيمته على مواجهة دقات ساعات الحياة، ليفكر في الانتحار هربا من تلك المأساة وطمعا في الراحة الأبدية، لنصبح أمام ظاهرة الانتحار التي تكبل مجتمعنا بتداعياتها الخطيرة التي تزداد حدتها ووتيرتها يوما بعد يوم، حيث ازدادت تلك الظاهرة في الآونة الأخيرة بشكل رهيب وغريب، والتي تطالعنا بها وسائل الإعلام بشكل شبه يومي لينتشر الفزع والخوف في نفوس المواطنين والمقيمين على ارض الوطن، لنجني ثمارها السلبية، ليكن الحديث عن واقعة نشرتها جريدة الوطن يوم الثلاثاء الموافق 13/8/2013، والواقع وقبل الدخول في أعماق التحليل القانوني والاجتماعي لهذه الواقعة هي ملاحظة تكرارها بشكل شبه يومي بين المقيمين والوافدين لهذه البلاد، خاصة بين أوساط الخدم لتؤثر على اسرنا بالسلب ولتزرع الخوف في قلوب أطفالنا واليأس وعدم تحمل المسؤولية في أعماق شبابنا، لتكون الواقعة تحت عنوان «ودعها انتحارا» لتروي واقعة إقدام وافد مصري (34 عاما) يعاني من اضطرابات نفسية ويعالج بالطب النفسي على الانتحار برمي نفسه من الدور الخامس من العمارة التي يقطنها في منطقة المهبولة وفارق الحياة على الفور، وعند تلقي عمليات الداخلية بلاغا بالحادث انتقل للمكان وكيل النيابة وضباط مباحث المنطقة ورجال الأمن وبعد معاينة الجثة بواسطة رجال الأدلة الجنائية رفعت للطب الشرعي وسجلت القضية في مخفر الفنطاس.
من الأهمية بمكان أن نبين المنظور القانوني لتلك الظاهرة الخطيرة جدا على هذا المجتمع ودون البحث عن دوافع تلك الظاهرة الآن نظرا لضيق المقام، ليأتي القانون بما له من دور في الحفاظ على أمن وأمان وسلامة أفراد المجتمع ليصيغ المفاهيم وليضع القواعد حتى تتوارى الجرائم، على درجة من الإتقان واليقين والاتساق وأفراد المجتمع، فتلك الظاهرة يجرمها قانون الجزاء الكويتي فيعاقب على التحريض على الانتحار، ولأن العقوبة تسقط بالوفاة فإنها تسقط عن المنتحر في حالة تحقق نتيجة الوفاة، لتبدو وبوضوح حكمة المشرع من عدم وجود نص لتجريم الانتحار، لينص على عقوبة التحريض في قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 في المادة 158 على أنه (كل من حرض أو ساعد أو اتفق مع شخص على الانتحار، فانتحر، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين).
ليأتي دور الدولة بنشر مؤسساتها التربوية في مجتمعنا من خلال تنمية الشخصية الواعية لدى الجيل الجديد، ومساعدتهم على تخطي وتجاوز الصراعات والاحباطات والمشاكل التي يتعرضون لها، لنربي أجيال المستقبل بطرق منهجية وعلمية، وإلا فسنكون في عداد المجتمعات الميتة.
www.riyad-center.com