ينطلق الشخص ما بعد إتمام دراسته في رحلة البحث عن العمل متلمسا جوانب الطرقات وطامحا في رحلة البحث عن الذات تنقله الأمواج وتقذفه من مكان لمكان ومن بلد إلى بلد دائم البحث في رحلته عن الأفضل.
ولكن قد تكون احدى محطات رحلته والتي ضحى من أجلها بالغالي والنفيس هي الصخرة التي تتحطم وتتبدد عليها أحلامه ويضيع مستقبله فيها وبسببها.
وما يؤسفنا في بعض الأحيان أن تكون هذه الصخرة هي وطننا الكويت، ويكون ذلك نتيجة للفساد وسوء الإدارة وعدم وجود التنظيم القانوني المناسب، فالضحايا كثيرون ممن يغرر بهم حتى يصبحوا في موقف المخالفين للإقامة ثم تضبطهم قوات الداخلية وفي أغلب الأحيان ترحلهم من حيث أتوا، والكارثة هنا ليست في الضحية، الكارثة الحقيقية هي أننا نعلم جيدا الجاني من أشخاص وعوامل وأسباب، فلا يجوز أن تكون كويت العزة مقبرة لمن تطأ قدمه أرضها بحثا عن العيش، فقد أحسسنا بالمرارة لما طالعتنا به الصحف خلال الأيام السابقة من حادثتين متتاليتين الأولى لضبط مندوب وصاحب شركة حصدا أكثر من 150 ألف دينار نتيجة تزوير أكثر من 250 إقامة، والثاني إذ به بالاشتراك مع صاحب الشركة يجلب أكثر من 100 عامل ويستخرج لهم إجازات قيادة استنادا إلى كشف سيارات مزور والذي اعتمدته وزارة الشؤون من قبل اعتقادا منها أنه الكشف الأصلي، حيث تبدأ تفاصيل هذه الواقعة بمعلومات وردت من مصادر سرية لرجال البحث والتحري في الإدارة العامة لمباحث الهجرة عن قيام مندوب باستخراج إجازات قيادة للعشرات من الوافدين وفور وضع إقامات لهم وعليه تمت مراقبته حتى وقع في المحظور وبالتحقيق معه اعترف باستخراج إجازات قيادة لأكثر من مائة وافد بعد وضع إقامات لهم على الشركة التي يعمل بها مقابل ألف دينار للشخص الواحد يشمل وضع إقامة مع استخراج إجازة قيادة وذلك بعلم صاحب الشركة والذي ألقى القبض عليه وقد اعترف أيضا بما يحدث في الشركة التي يملكها وقد اعترف مع المندوب بأنهما أعدا كشفا يحتوي على أرقام ومواصفات 50 سيارة ووضعاه في ملف الشركة بوزارة الشؤون بعدما اعتمده لهما أحد الوسطاء مقابل مبلغ من المال كون الكشف غير حقيقي ومزور ولا توجد أي سيارة باسم الشركة وعليه وبعد اعتماد هذا الكشف تم جلب الوافدين من بلدهم على أنهم سواقون مقابل ألف دينار عن الشخص يشمل الإقامة والإجازة وعليه قد تم إبلاغ النيابة العامة وإحالة الاثنين لها مع الكشف المزور وصور وبطاقات مدنية للمكفولين على الشركة وذلك بعد ضبط العديد منهم وتم وضع بياناتهم الشخصية على جميع الأجهزة والمنافذ تمهيدا لضبطهم لإبعادهم عن البلاد وكون إقاماتهم مزيفة استنادا إلى الكشف المزور للسيارات.
وبذلك يكون المندوب وصاحب الشركة قد ارتكبا جريمة تزوير يعاقب عليها قانون الجزاء في مواده 257 و258و 260، فتنص الأولى على أنه: « عد تزويرا كل تغيير للحقيقة في محرر بقصد استعماله على نحو يوهم بأنه مطابق للحقيقة، إذا كان المحرر بعد تغييره صالحا لأن يستعمل على هذا النحو ويقع التزوير إذا اصطنع الفاعل محررا ونسبه إلى شخص لم يصدر منه، أو أدخل تغييرا على محرر موجود سواء بحذف بعض ألفاظه أو بإضافة ألفاظ لم تكن موجودة أو بتغيير بعض الألفاظ، أو وضع إمضاء أو خاتم أو بصمة شخص آخر عليه دون تفويض من هذا الشخص، أو حمل ذلك الشخص عن طريق التدليس على وضع إمضائه أو خاتمه أو بصمته على المحرر دون علم بمحتوياته أو دون رضاء صحيح بها. ويقع التزوير أيضا إذا غير الشخص المكلف بكتابة المحرر معناه أثناء تحريره بإثباته فيه واقعة غير صحيحة على أنها واقعة صحيحة، ويقع التزوير على من استغل حسن نية المكلف بكتابة المحرر فأملى عليه بيانات كاذبة موهما بأنها بيانات صحيحة.»
وتعاقب على هذه الفعلة المادة 258 بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ويبقي السؤال ما ذنب هؤلاء الذين غرر بهم وأتوا حالمين بفرصة عمل مناسبة.
www.riyad-center.com