الأحكام القضائية هي عنوان بارز للحقيقة، وجوهرها الأساسي، وسبيل إحقاق الحقوق ورد المظالم، والجسم القضائي من أجل تيسير عمله، فهو يحتاج الى معاوني قضاء، وإداريين وكتّاب ومندوبي إعلان وغيرهم ممن يسهلون على القاضي سبل تطبيق القانون وتكوين قناعة وجدانية سامية، ومن اهم الأدوار التي تؤثر في ذلك وظيفة مندوب الإعلان، فهو المكلف حسب القانون رقم 38 لسنة 1980 بان يكون الإعلان بواسطته وإلا كان باطلا، كما نص القانون على أن يكون الإعلان من الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة مساء وفي ايام العمل الرسمية، وشدد القانون على ان تشتمل ورقة الإعلان على البيانات اللازمة لصحة القضية «التاريخ، اليوم، الساعة، الشهر، السنة» واسم المدعي ومهنته وموطنه واسم من يمثله بالكامل، وكذلك ايضا بالنسبة للمعلن اليه، وموضوع الإعلان واسم من قام بالتسلم والتوقيع على الأصل، وقد نص القانون كذلك على ان تسلم صورة الإعلان الى الشخص نفسه المراد إعلانه في موطنه او عمله، وإذا لم يجد القائم بالإعلان الشخص المطلوب إعلانه، وجب عليه ان يسلم الصورة الى من يقرر انه وكيله، وإذا امتنع عن التسلم كان عليه ان يسلمها الى مخفر الشرطة الواقعة به منطقة المعلن.
وبالرغم من ان القانون واضح في مسألة توصيف عمل مندوب الإعلان، وكونه واقعا لا يحتاج الى مهارات او أساليب استثنائية، فهو بالرغم من ذلك يشكل عرقلة واضحة امام السير الطبيعي لمرفق العدالة، فالكثير من المراجعين والمحامين تؤرقهم مسألة إعلان القضايا، اذ ان العديد من القضايا لا يعلن لسبب واحد وهو «لم يستدل على العنوان» بالرغم من انها عناوين واضحة لا تحتاج الى فك رموز ونحن نعيش في دولة لها ست محافظات، واضحة في عناوينها ولسنا نتحدث عن الهليوبوليس أو طوكيو، وكل ذلك ساهم في تعطيل القضايا وتأجيلها وبالتالي الإضرار بالسير العادي للعدالة، والسبب من وجهة نظرنا راجع الى ان ادارة مندوبي الإعلان قد تم تكويتها بالكامل، ومهنة مندوب الإعلان من وجهة النظر الشعبية هي مهنة تتطلب جهدا بدنيا وليست معتبرة وفق المعايير الشبابية، ويتم اللجوء اليها في غالب الأحيان كهروب قانوني من الدوام الرسمي وروتين المكاتب والرقابة والبصمة والحضور والغياب وغيرها من الأمور الادارية المعقدة، وبعض المندوبين للأسف يتهاون في أداء مهامه.
وأمام هذا الوضع، نقترح على وزارة العدل بصفتها المشرف العام على معاوني القضاء، ان تلغي ادارة مندوبي الإعلان ويتم تعويضهم وتقوم بالتعاقد مع شركات خاصة لتبليغ الإعلانات القضائية بموجب ممارسة او مناقصة تقدم الى وزارة العدل، لترسو على الأفضل والأجدر، وتكلف بعدها بتبليغ الإعلانات، هنا نكون قد ارسينا مبدأ العدالة الناجزة، الذي يعتبر شعارا إلى حين كتابة هذه السطور وتغلبنا على معضلة التراخي في تبليغ الإعلانات وساهمنا في حفظ الحقوق، وتخضع تلك الشركة او الشركات اذا ما تم تخصيص كل شركة لمحافظة معينة للرقابة من طرف الوزارة وتحاسب في حالة عدم التبليغ، وفق عقد موقع مع الوزارة، وبهذا الإجراء البسيط والذي لا يتطلب سوى قرار اداري يمكننا ان نتغلب على إشكالية تبليغ الإعلانات.
فالهدف الأسمى هو اقرار العدالة ومن اجل ذلك يجب البحث أحيانا عن حلول نوعية وابداعية في سبيل تحقيقها.
والله ولي التوفيق،،،
www.riyad-center.com