التحرش الجنسي ليس ظاهرة خاصة بالمجتمع الكويتي، فالإحصائيات العالمية والدولية تشير بكل وضوح الى ان معدل التحرش الجنسي أصبح في ازدياد عالميا، الأمر الذي جعله ظاهرة عالمية، وقد نشرت وكالة الاسوشيتدبرس الأميركية تقريرا في منتصف ديسمبر حول هذا الموضوع في العالم العربي، وتحدث التقرير عن مؤتمر عقد في القاهرة ناقش أبعاد هذه الظاهرة وتناول أرقام التحرش الجنسي في الدول العربية وتبين من خلال المناقشات ان القوانين لا تعاقب عليه لخلو نصوصها من نص رادع له بل كل ما توجبه هو اقتياد المخالف للمخفر وحجزه والاتصال بذويه وأهله لأخذه والتوقيع على محضر تعهد فقط لا غير، فضلا عن تدخل كبار الوسطاء لإخلاء سبيله من المخفر ، وبصفتي أمثل مركزا للدراسات القانونية والإعلامية أشير بشيء من الإيجاز الى ان هذا الفعل السافر بدأ يزداد ويطفو على سطح مجتمعنا المتدين وبصورة تبدو واضحة ومخيفة، وكيف لا يزداد والفيديو كليب موجود ويبرز المرأة كرمز جنسي؟ وكيف لا يزداد ما نشاهده من ملاحقة الشباب بالسيارات الفارهة لفتيات؟ حتى وصل الأمر لمصادمات بالطرق وذلك في سبيل بلوغ الهدف وهو التحرش بهن والتعرف عليهن ولو بالإكراه وهذا نوع من التحرش آخذ في الازدياد، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انه وصل بالشباب الى ملاحقة الفتيات مدعين انهم من رجال الأمن ويريدون معرفة وجهتهن حتى يصلوا للتعرف عليهن والتحرش بهن، ووصل الأمر في سبيل بلوغ هذا الهدف الى احداث ازدحام بالطريق العام ومصادمات وحوادث بل تعريض المارة للخطر متناسين ان هؤلاء الفتيات قد يكن شقيقته ووالدته أو قريبته، وكيف لا يزداد والمعاكسات التلفونية موجودة وواقعة على النساء؟ وقد أظهرت الدراسات التي أجريت في اوروبا (تحديدا في التشيك) ان ربع السكان تعرض للتحرش الجنسي لذا فالأمر خطير ولم يقف عند هذا الحد بل أصبح التحرش الجنسي بين الشباب محلا للتفاخر، وبعضهم يعتبرونه شيئا عاديا وطبيعيا ولو علموا بطبيعة هذا الفعل وما يسببه من مضايقات لما أقدموا على فعلهم المشين وتراجعوا عنه بل وقاوموه إذا شاهدوه. وأقول من المسؤول عن ذلك كله؟ الإجابة هي ان الإعلام هو المسؤول فهي ظاهرة موجودة وقديمة لكن تعرض الإنسان في هذه الحقبة من الزمن لمضامين إعلامية حملت في طياتها مشاهد جنسية يجعل من السهل عليه ان يفكر في تطبيقها في واقع حياته.
فالقضية حساسة وليس من السهل تناولها في الإعلام بكل تفاصيلها لكن من الممكن للإعلام تناولها من باب التوعية والتحذير والتنبيه وحث من بيده الأمر على اتخاذ ما من شأنه ان يحد من هذه الظاهرة، ولعلنا نتفق على ان قضية التحرش الجنسي هي قضية أخلاقية واجتماعية وقانونية وعليه فوسائل الإعلام ليست المسؤولة الوحيدة عن محاربة او مقاومة التحرش في المجتمع، بل يجب ان تساهم التنشئة الخاصة في البيت والمدرسة والمسجد في تربية وتوعية الفرد من خطورة هذه المسألة ثم يكملها قانون رادع وفعال لمواجهة ذوي النفوس الضعيفة والمريضة من الجنسين، فالإعلام يرافق ويساعد الأسرة والمدرسة والقانون على مواجهة هذه الظاهرة، فالقانون خلا من نص يعاقب على التحرش، نعم هناك قصور واضح في تشريعنا الجزائي في مواجهة مثل هذه الظاهرة التي أصبحت علامة حمراء ومرضية يجب ان نصف لها الدواء الفعال والشافي ألا وهو وضع نص جزائي رادع لها وعقوبة تجعل من يرتكب هذا الفعل المشين من مرتكبي الجرائم الأخلاقية، لذلك فالتحرش الجنسي له تداعيات كثيرة تبدأ بالفرد وتمر بالأسرة وتنتهي بالمجتمع لذا نحن مطالبون بمراجعة القانون ووضع تشريع لدرء هذه الظاهرة، فهي أنجح وسيلة لحماية المجتمع من مثل هذه الظاهرة التي أصبحت بمنزلة قضية تقتضي اليقظة والحذر.