أسامة الشيباني مهندس ليبي يقيم في جمهورية المانيا الاتحادية، عرفته عام 2000 في مدينة شتوتغارت أثناء دراسته اللغة الالمانية حينما اضطررت للبقاء فيها لمدة 7 أشهر وكان نعم الأخ والصديق واستمر تواصلنا طوال تلك السنوات الى وقتنا هذا. الآن أسامة يعمل في شركة عالمية كبرى احد فروعها في مدينة مانهايم، ويشاء الله سبحانه وتعالى ان تفوز تلك الشركة بإحدى المناقصات للعمل في الكويت ويكون أسامة ضمن طاقم الشركة الذي يتألف معظمه من الالمان وبعض الاوروبيين، الى هنا لا توجد مشكلة ولكن المشكلة هي أن صديقي اسامة هذا يرفض الحصول على الجنسية الالمانية عكس الكثيرين من المتهافتين عليها وحين يسأل عن السبب يجيب: أنا ليبي ولست المانيا، بالرغم من الاحراجات الكثيرة التي يتعرض لها في الدول العربية بسبب اصراره على عروبته خاصة حينما يدخل زملاؤه الالمان وغيرهم من الاجانب الى اية دولة عربية بسهولة بينما يتم ايقافه للتدقيق على تأشيرة الدخول في جوازه وتكون اجراءاته مطولة اكثر منهم مما يتيح لهم التشفي به كونه رافضا للجنسية الالمانية ومتبطرا على النعمة حسب رأيهم، بل ان بعضهم يزيد بسؤاله قائلا لماذا تتأخر اوراقك أنت بالذات ألست عربيا مثلهم؟! في إحدى المرات التي التقيت فيها بأسامة خلال زياراته للكويت كان بمعيته أحد مسؤوليه بالشركة من الالمان ويدعى كلاوس وهو شخصية جميلة ومؤدبة جدا وكان معنا بعض الاصدقاء وقتها، كانت السعادة تشع من عيني اسامة في هذا اليوم وحين سألته أخبرني بأنه شعر بالفخر في الكويت كما لم يشعر به من قبل وقال لي بالحرف الواحد: «اليوم طولتوا رقبتي» وبجوابه عن سؤالي عن السبب اخبرني بأنهم كانوا في زيارة لأحد المواقع التي تتطلب إذنا للسماح بالدخول وكان الاذن لم يصل بعد إلا أن مسؤول الأمن في الموقع قال: فقط الليبي يدخل والبقية ينتظرون لحين وصل الاذن، يقول، والكلام لأسامة: طبعا لم أدخل ولكني توجهت للسلام عليه وعدت لزملائي حتى لا أتسبب في احراج كل من مسؤول الأمن أو زملائي الا أني شعرت بالفخر. طبعا كنت صريحا مع نفسي أولا ثم مع اسامة وقلت له لا تفرح كثيرا حتى لا تنصدم لاحقا فالأمر لا يعدو كونه تصرفا فرديا من ذلك المسؤول. في اليوم التالي يغادرنا اسامة وزميله كلاوس الى المانيا مرورا بإحدى دول الخليج، ويتصل بي بعد أيام ليخبرني بأن فرحته التي شعر بها في الكويت تبددت في شقيقتها الأخرى حين وصلت الطائرة متأخرة بسبب تأخر اقلاعها في الكويت مما ادى الى عدم تمكنهما من ادراك الطائرة المتجهة الى المانيا مما اضطرهما الى انتظار الطائرة التي تليها في اليوم التالي وهنا قامت شركة الطيران بتوفير اقامة لهما في احد فنادق الخمس نجوم، ولدى توجه كل من اسامة وكلاوس للفندق مرورا بالجوازات صعق اسامة حين قال موظف الجوازات: الليبي يرجع والالماني يدخل بالرغم من ان الفترة كانت عدة ساعات فقط، وبالرغم من محاولات احد ضباط المطار الذي شعر بالاحراج لهذا الموقف الا ان جميع محاولاته باءت بالفشل وما كان منه إلا أن اعتذر من اسامة قائلا: سامحني فالأمر أكبر مني، ولم ينته الأمر عند هذا الحد فالمشكلة أن كلاوس نفسه مسؤول أسامة بالعمل وهو الالماني الذي لا يربطه به سوى العمل رفض الدخول بشدة ورفض الفندق المريح ذا النجوم الخمسة وأصر على البقاء معه في المطار رغم محاولات اسامة لإقناعه بالدخول والاستفادة من عرض شركة الطيران الا انه أبى ذلك، وفي هذا الموقف أكد لي كلاوس صحة المثل القائل «الرفيق قبل الطريق» فنعم الرفيق أنت ورجل يا كلاوس «وتستاهل السمن يمناك».
السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لا تكون هناك تأشيرة دخول مشتركة لدول مجلس التعاون أسوة بتأشيرة «الشينغن» في دول الاتحاد الاوروبي تفاديا للإحراج في مثل تلك المواقف؟
كل الشكر لنائب مدير مستشفى الأميرى محمد العلي لرحابة صدره واخلاقه العالية خاصة مع كبار السن، وللدكتورة مريم الريس من قسم الأشعة الإكلينيكية لتفانيها في العمل وتعاملها الراقي مع المراجعين رغم كثرتهم.
[email protected]