سعد الحرمل
في الوقت الذي أخذ فيه الغرب مراجعة تجاربه الفاشلة وتصحيح أخطائه بالاستغناء عنها أصبحنا نحن نقوم باستيراد تجاربه تلك ن بعد أن ظهرت علينا مجموعة من الكتل الوطنية مطالبين بإلغاء قانون منع الاختلاط بحجج واهنة كوهن شبكة العنكبوت، بل وأكثر من ذلك حين تحدثوا وأطلقوا الفتاوى حيال ذلك الأمر، مدعين أن الشرع لا يمنع الاختلاط ويقره.
لن نخوض بالنواحي الشرعية في هذا الصدد لا لشيء ولكن لكونها معلومة لدى الصغير قبل الكبير، وقبل أن نبدأ بتفنيد حججهم التي ساقوها نبدأ أولا بما أورده ديفيد بارتون من دراسة في كتابه «أميركا تصلي أم لا تصلي» والتي رفعها للرئيس الأميركي الحالي وعلى أثرها تمت التوصية بالعمل على عدم الاختلاط في المدارس، نلاحظ أن التوصية جاءت بكلمة (العمل على) ويعني ذلك التدرج في التطبيق وذلك لأن الوضع متأزم، أما نحن وبدلا من شكر الله بما أنعم علينا، نسعى إلى تدمير تلك النعمة.
لن نستعرض تلك الأرقام التي وردت بتلك الدراسة عن حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي والإجهاض نتيجة الاختلاط، أو عدد حالات الضرب والاعتداء التي جعلت الولايات تقدم خدمة هاتفية للإنقاذ العاجل للحد من حالات التعدي الشرس.
كل ذلك نتج عن الاختلاط الذي حدا ببعض الدول الأوروبية على إنشاء مدارس ومعاهد منفصلة لتثبت نجاحها من خلال نتائج الطلاب والطالبات عن أقرانهم في المختلطة، بل وعلى المستوى الشخصي سواء للرجل أو المرأة، حتى من أولئك المناصرين للاختلاط، حين يكون أحدهم في دورة تدريبية أو فصل دراسي يخلو من الجنس الآخر، تجدهم يشعرون بحرية أكبر والمشاركة تكون أكثر فعالية على العكس من الفصول المختلطة، إلا إذا كنا نعيش في المدينة الفاضلة كما يحلم مؤيدو الاقتراح وهذا مستحيل ولا يقبله العقل.
قد يغفل مؤيدو الاختلاط عن الهدف البعيد له وهو ضرب الدين الإسلامي من خلال إفساد المرأة المسلمة وإن كان ذلك لا يعفيهم، فرسولنا عليه الصلاة والسلام يقول في حديث«) :من سنّ سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها».
وإن كان هناك هدف على المستوى البعيد، هناك أيضا أهداف على المستوى المتوسط من خلال إيهام المرأة بالمساواة وتحريضها على الاختلاط والاختلاء ليتم تجريدها من أنوثتها و جعلها سلعة في الأسواق ومعاملتها معاملة الرقيق كما هو الوضع في الإعلانات التجارية وعروض الأزياء.
من ضمن الحجج المضحكة التي ساقها مؤيدو الاختلاط في اقتراحهم، أنه، أي منع الاختلاط يكلف الدولة مبالغ طائلة، وانه يكافح العنوسة ويشجع على الزواج. وأقول لهم إن هناك دولا مجاورة عدد طلبة إحدى كليات أي جامعة بها يفوق طلبة جامعة الكويت بجميع كلياتها، وبالرغم من ذلك فإن منع الاختلاط مطبق بشكل تام وعلى أحسن حال، أما ما يتعلق بالعنوسة فإن كان الاختلاط يشجع على الزواج (صار خطابة) فإنه يشجع على أمور أخرى مضارها أكثر من فوائدها، إذن لماذا لا تشجعون على الزواج الثاني وأنا أولكم لحل هذه المشكلة؟! آآها عفوا نسيت فمثلكم لا يجرؤ على ذلك.
أمر آخر أضحكني وهو أن قانون منع الاختلاط يقيد الحريات وأنه يجب إلغاؤه ويجب احترام الدستور، ولا أعلم عن أي حرية يتكلمون وكيف يقيدها، ولو افترضنا جدلا أنكم صادقون وتذودون عن الحريات، أين أنتم من قانون تجريم الفرعيات الذي يقيد الحريات وثبت عدم دستوريته حين تقدمتم به، ووقع عليه نواب القبائل على استحياء، أم أنكم تريدون دستورا على طريقتكم وتقبلون ما يناسبكم من الديموقراطية وترفضون ما عداه؟!