لا أعلم ما إذا كان وزير التربية والتعليم العالي أحمد المليفي حين فكر في استبدال حقيبة الطالب المدرسية بالذاكرة الوميضية أو ما يسمى بـ «الفلاش ميموري»، يعي مساوئ ذلك المقترح، وهل تدارسه مع من حوله من المستشارين قبل أن يطبقه، هذا إذا ما كان من بنات أفكاره، أما إن كان من أحد مستشاريه فذلك يعطينا دلالة على طريقة تفكير من حول الوزير من مستشارين وخبراء وعن مستقبل أبنائنا.
نتفق جميعا على أن التطور جميل ولكن ليس كل جديد مفيدا، وقد يكون هذا الاقتراح هدفه جميل كما هو معلن إلا أن المسلك لتحقيقه لم يكن موفقا، فكلنا نعلم أن الهدف هو تخفيف الحقيبة المدرسية الثقيلة على الطالب والتي تعدل وزنه أحيانا تفاديا لتشوهات العمود الفقري لأبنائنا وذلك من خلال وضع المنهج الدراسي كاملا على فلاش ميموري صغيرة يحملها الطالب معه إلى بيته ليتم من خلالها متابعته من قبل أهله على جهاز الحاسب الآلي، ولك أن تتخيل وضع الطالب وولي أمره وهو يقوم بتدريسه من خلال شاشة الحاسب الآلي بتركيز كامل من قبل كل من الطالب وولي أمره والآثار السلبية لذلك على كل منهما، فضلا عن المشاكل العديدة التي واجهت أولياء الأمور عند محاولة تشغيل البرنامج، فهل تسعى الوزارة إلى تخريج أجيال كاملة من مرتدي النظارات الطبية في سبيل تخفيف الحمل على ظهورهم لتبني من جهة وتهدم من أخرى؟ أم أنها بذلك تدعم شركات الحاسب الآلي المحمول وأجهزة الآيباد بعدما صار معظم الطلبة يطالبون أولياء أمورهم بتوفير جهاز آيباد لهم ليتمكنوا من متابعة دروسهم وأداء الواجبات، إلا إذا كان السيد الوزير سيوفر أجهزة الآيباد كما أعلن في خطته سابقا.
في رأيي ان الاقتراح طبق بالمقلوب فبدلا من تسليم الطلبة لقطعة الفلاش ميموري تلك وسحب الكتب منهم كان الأجدى لو تركت الكتب للطلبة في البيت وتم تدريسهم من خلال الفلاش ميموري بالفصل بواسطة جهاز عرض لجميع الطلبة وفي هذه الحالة تكون التكلفة أقل إذا ما قارنا عدد المدرسين بالطلبة، زد على ذلك أن المدرس أقدر على استخدام الفلاش ميموري أكثر من ولي الأمر. وفي رأي آخر ماذا لو تم توزيع كتابين لكل طالب أحدهما للبيت والآخر للمدرسة تجنبا لمشروع الفلاش ميموري وتكلفته، إلا إذا كان هناك هدف من المشروع.
أخيرا وليس آخرا لماذا لم يتم وضع مناهج وزارة التربية على موقع الوزارة وتكون متاحة للجميع سواء ولي الأمر أو غيره لتحميلها من الموقع وتصفحها والذي يغني تماما عن ذلك المشروع وتحميل كلفته على المال العام للدولة في مشروع لم يأخذ حقه من الدراسة الفنية والاقتصادية، ومنا إلى وزير التربية.
[email protected]
twitter@al7armal