الحكومة.. مصطلح طالما لم تثق به الشعوب ودائما ما تشكك في نواياه، خاصة في الدول المتخلفة عن الركب بسنوات ضوئية، فكلما تقدم بك العمر قلت ثقتك بالحكومة إلى أن تتلاشى تماما، فالعلاقة عكسية ما بين تقدم عمرك وثقتك بذلك المصطلح.
في صغري كنت اعتقد ان الحكومة جهاز أو حاسب آلي يفكر بالنيابة عنا ويخطط لنا فيعطينا دائما ما هو في صالحنا، أي انها «أبخص» بكل ما ينفعنا، لكن بعد ان كبرت قليلا صدمت حينما علمت ان الحكومة ما هي إلا أشخاص مثلنا يأكلون كما نأكل ويشربون مثلما نشرب، بل وينامون مثلنا ايضا، الا ان حسن النية لدي مازال موجودا ولم يختف بعد، قلت في نفسي: لابد أنهم يتمتعون بصفات خاصة ومهارات خارقة للعادة يتميزون بها عنا كي يستطيعوا ادارة البلاد وتصريف مصالح المواطنين وإلا لما تم اختيارهم لهذه المناصب الحساسة واسندت لهم تلك المهمة الصعبة وحملوا تلك الأمانة.
كبرت اكثر ووعيت أكثر فوجدت ان أمور البلاد تتعقد أكثر فأكثر وتتعثر، فمنذ كنت صغيرا وانا اسمع ان الكويت «عروس الخليج» وان جميع الانظار تتجه اليها، لكن الواقع يقول عكس ذلك، فمنذ مراهقتنا ونحن نسمع العالم لا يتحدث الا عن مدينة دبي ونهضتها، تلا ذلك التطور والنمو في باقي دول الخليج: المملكة العربية السعودية وقطر ومدينة ابوظبي، في حين ان آخر انجاز حكومي احتفلنا به في الكويت كان افتتاح المدينة الترفيهية في عام 1984، وآخر مستشفى تم بناؤه في العام نفسه، وآخر طائرة اشترتها مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية في عام 1986، وحتى هذه اللحظة ليس لدينا مدينة جامعية كبقية بلدان العالم، حيث لا يجد طلابنا مقاعد للدراسة، وان عدد طلبات الاسكان يزداد بمعدل 15000 طلب سنويا ويسكن السواد الاعظم من المواطنين بالإيجار على الرغم من ان مساحة العمران بالكويت لا تتعدى 8% من المساحة الكلية، وما عدا ذلك فهو ارض فضاء.
ايضا حين تتأمل في مباني الدوائر الحكومية لدينا تجد معظمها مؤجرة ومؤقتة، أما حين تنظر الى حركة المرور فتكتشف ان قانون المرور مهمش ولا يطبق و«مضروب بالج..».
عندها بدأت أمعن النظر في أفراد تلك الحكومة فوجدت أن الاسماء هي الأسماء والوجوه هي نفسها التي تتكرر في كل مرة لكن الحقائب والمناصب فقط هي التي تتغير، وإن حالفك الحظ ودخلت ولو بالخطأ ولمرة واحدة ضمن تلك القائمة، اما بسبب اعتزال احدهم او وفاته، فستكون حظوظك في الدخول الى الحكومة قائمة، وقد يتم ذلك بين ليلة وضحاها، ما يدل على ان الحكومة تدار بنفس العقلية القديمة التي لم تستطع مواكبة التطور المتسارع في العالم من حولها، وعلى الرغم من ذلك كله حين تتمعن أكثر في بعض افراد الحكومة تكتشف انه يعجز عن ادارة شؤون بيته فكيف يوكل اليه ادارة شؤون العباد والبلاد؟!
٭ فهل بات مستحيلا وجود حكومة تستطيع ادارة البلاد وتحب شعبها ويمكنه الوثوق بها؟!
[email protected]
twitter@al7armal