سعد الحرمل
براك المرزوق أو بوسليمان كما يحب أن يناديه جميع من معه في العمل، هو رئيس ديوان المحاسبة، وهو أهم صمام أمان في البلد، وأقصد هنا براك المرزوق وليس الديوان، وذلك لأن المنصب لا يقدم أو يؤخر إلا بالشخص الذي يشغله، فإذا كان رجلا أضاف للمنصب ولم يضف له المنصب شيئا، أما إذا ما كان ذكرا إمعة وهو ما نخشاه فإن المنصب هو الذي يضيف له ويرفع من قدره.
بالنسبة لبراك المرزوق فهو شخص أضاف للمنصب وللديوان بشكل عام الكثير، وأبرز دوره وجعله في مكانة مرموقة حتى على المستوى العالمي، وأضحى معظم الشعب الكويتي يعرف ديوان المحاسبة والذي لو عدنا إلى الخلف عشرة أو خمسة عشرة عاما لما وجدت أحدا يعرف ماهية ديوان المحاسبة إلا ما ندر.
أبا سليمان، حاربت الفساد في معارك عدة وأبليت بلاء حسنا لمدة أربعة عشر عاما وتحملت أنواعا شتى من الضغوط من قبل قوى الفساد التي قويت شوكتها مؤخرا وصمدت في وجهها شامخا.
أبا سليمان منذ أعلنت نيتك في الترجل عن صهوة جوادك، استبشرت خفافيش الفساد وتهللت أساريرها وعكفت آناء الليل والنهار تحيك شباكها للسيطرة على الديوان بعد أن يغادره حارسه الأمين، ولو آل الأمر إلينا لما وافقنا على تقديمك للاستقالة لأن الأمر لا يتعلق بك وحدك وإنما بأموال أهل الكويت قاطبة، إلا أننا لا يسعنا سوى احترام رغبتك وحقك في الاستراحة بعد عناء تلك السنين والذي كان على حساب صحتك وأسرتك.
براك المرزوق الآن وقد تقدمت باستقالتك يحق لنا أن نتكلم عن مآثرك حتى لا يعد ذلك نفاقا، فلو أن أحدنا حاول أن يدخل لمكتب أصغر مسؤول في البلد بأي دائرة حكومية لوجد أمامه جيشا من الحرس والسكرتارية في حين أن براك المرزوق من القلائل في الكويت خاصة من في مستواه ودرجته الذي كان بابه مفتوحا أمام الجميع ويستطيع أن يصل إليه أصغر موظف في الديوان دون عراقيل أو تعقيدات.
براك المرزوق كان ولا يزال الأب لجميع موظفي الديوان ويتفقد أحوالهم، فإن لم تجده في مكتبه قد تفاجأ به واقفا أمامك بادئا بالسلام عليك وسائلا عن أحوالك وما ينقصك خلال جولاته المعتادة على جميع موظفي الديوان متلمسا همومهم وحاجاتهم وكريما معهم لأبعد الحدود .
براك المرزوق رجل واثق من نفسه ومتواضع لم يغره المنصب أو يدخل الشك في نفسه فتجده حاضرا في جميع مناسبات موظفي الديوان صغارهم قبل كبارهم يشاركهم أفراحهم وأتراحهم ويعودهم إذا مرضوا بمن فيهم الفراشون والمراسلون والذين يعاملهم برقي ولطف ولم يترفع، فرفعه الله في قلوب الجميع.
عذرا أبا سليمان إن حاولت بعض "أقلام الدفع المسبق" أن تنال منك لأنها في حقيقة الأمر لم تنل سوى من كاتبيها ومن دفع لها، وبعد أن اتخذت قرارك بالاستقالة لا نملك سوى الدعاء لك بالصحة والتوفيق، ولن نقول إن الكويت خالية من أمثالك لكنهم قلة في هذا الزمان، كفيت ووفيت يا بوسليمان وأتعبت من بعدك.
ختاما آمل أن يكون خلفك على نهجك ومكملا لمسيرتك في الذود عن أموالنا وأموال أبنائنا من الأجيال القادمة وإن كنت وبكل صراحة لست متفائلا.