سعد الحرمل
علم الهندسة الوراثية علم يهتم في دراسة التركيب الوراثي للمخلوقات الحية، من نبات وحيوان وإنسان، بهدف معرفة القوانين والجينات التي تتحكم في الصفات الوراثية لهذه المخلوقات، على أمل التدخل في تلك الصفات تدخلا إيجابيا، وتعديلها أو إصلاح العيوب التي قد تطرأ عليها، ولذلك العلم فضل كبير في اكتشاف العديد من الأمراض الوراثية ومعالجتها جينيا، كما تم من خلاله أيضا تطوير وتحسين العديد من المنتجات النباتية من أجل تحقيق الأمن الغذائي للبشرية.
الشرح يطول في وصف أهمية هذا العلم وفضائله العديدة، إلا أن ما يهمنا هنا هو ما ظهر مؤخرا في ذلك العلم من آراء تؤكد أن الصفات الحميدة كالشجاعة والكرم والنخوة والذكاء تنتقل من جيل إلى آخر، وبالطبع فإن ما ينسحب على الصفات الحميدة ينسحب على عكسها من الصفات كالجبن والبخل، وأيضا على جينات الغباء التي يزخر شارعنا العربي بالكثير من حامليها ويقومون بتوريثها إلى الأجيال التي تليهم، بعكس الأمم الأخرى التي تورث لأجيالها العلم والمعرفة، ففي العام 1990 قامت جموع من الأغبياء في الجمهورية اليمنية بالسير في مظاهرات مؤيدة لصدام حسين حين احتل الكويت في طريقه لتحرير القدس، كما زعم وقتها ذلك البائد، والآن في هذه الأيام يقوم أبناء تلك الجموع التي تظاهرت في العام 1990 ممن ورثوا جينات الغباء بالسير في مظاهرات إلى السفارة المصرية في عدن واتهام مصر بالخيانة والعمالة، وذلك لأن «حماس» ظنت واهمة أن إيران ستقف في صفها وتحارب إسرائيل، فقامت بالتحرش بإسرائيل ليكون الرد قاسيا على الأبرياء والعزل من أهل غزة وليس على حماس ومن معها.
وفي العام 1990 أيضا قامت جموع أخرى غفيرة في فلسطين بالإضافة إلى من كانوا لدينا في الكويت ممن يحملون تلك الجينات، «الغباء» طبعا، بالسير في مظاهرات هاتفة لصدام حسين حاملين صوره تأييدا لاحتلاله للكويت، بالرغم من سيل القذائف والصواريخ التي كان يقذفها العدو الإسرائيلي على رؤوسهم في ذلك الوقت، وعلى النقيض يخرج عندنا في الكويت مجموعة من المراهقين في مظاهرة إلى السفارة المصرية في الكويت منددين ومستنكرين وكأن جمهورية مصر العربية هي التي تسببت في العدوان على أهالي غزة، ولو أننا خصمنا ثماني عشرة سنة من عمر كل واحد منهم لكان أكبرهم سنا لابسا حفاضته في العام 1990 ولم يكن يدرك بعد حجم المعاناة التي تعرض لها الشعب الكويتي في ذلك الوقت، ولم يذق مرارة الجحود والنكران التي تجرعها الكويتيون آنذاك.
ولا يعني ذلك أن نتخلى عن إخوة لنا هم في حاجتنا وإن أساءوا، ولا يعني أيضا أن نطعن في إخوة لنا وقفوا معنا عند الحاجة، فيجب أن ننظر للأمور بعين فاحصة دون أن نسمح لأحد بتوجيهنا نحو مآربه وأهدافه، فالمتأمل لما يحدث يجد أن هناك من يسعى لشق العالم العربي إلى فريقين الأول «مع» والآخر «ضد» جمهورية مصر العربية، بينما يقف هو موقف المتفرج ولا يكلف نفسه سوى بعض التصريحات النارية ضد إسرائيل في العلن وعقد الصفقات السرية معها في الخفاء طبعا، وإلا لن تكون «سرية»، خاصة أنه قد وصلتني بعض الصفحات من مذكرات شارون التي ذكر خلالها بعض حلفاء إسرائيل والذين يظهرون لها العداء أمام العالم.
ختاما أجزم بأننا في حاجة إلى جميع علماء الهندسة الوراثية الأحياء منهم والأموات لتعديل وإصلاح تلك العيوب في الجينات، «الغباء» طبعا، لدى الشارع العربي، فقد يأتي ذلك بنتيجة إيجابية ولا أجزم بذلك.
وعندها نستطيع أن نقول «إحنا عملنا اللي علينا والباقي على ربنا»، وأتمنى ألا نضطر الى التضحية بالجنين ليعيش الأب.
في تصريحه الختامي طلب مجلس وزراء الخارجية العرب من مجلس الأمن ضرورة إصدار قرار بإلزام إسرائيل بالوقف الفوري (للقتال) وكان الأجدى لو قال (للقتل) لأنه من طرف واحد ولا يوجد تكافؤ بين الطرفين، لا نعلم ربما يكون ذلك هو السبب في فشل إصدار القرار وليس اعتراض كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.. «ظلمناهم».