سعد الحرمل
يعتبر الماء من الموصلات الجيدة للكهرباء والخطيرة في نفس الوقت، لذا فإن جميع إرشادات السلامة التي توجه لعموم المواطنين والمقيمين تشدد على فصل الماء عن الكهرباء، خاصة في حال وجود أسلاك مكشوفة حتى لا يحدث أي «تماس كهربائي» ويتسبب في حريق تنتج عنه خسائر في الأرواح والأموال، وفي حال حدوث مثل هذه الحرائق، لا سمح الله، فإن طريقة التعامل معها تختلف عن تلك الحرائق التقليدية، فلا يستخدم الماء في إخمادها وإنما يتم ذلك باستخدام الرغوة.
وزارة الكهرباء والماء تعرف تلك المعلومة تمام المعرفة، ومن شدة حرصها وانطلاقا من واجبها الوطني تجاه البلد والمواطنين في ظل هذه الأجواء المشحونة والمكهربة بين كل من المجلس والحكومة بسبب موجة الاستجوابات التي تجتاح البلاد هذه الأيام، تقوم الوزارة مشكورة بقطع المياه عن معظم المناطق كإجراء وقائي حتى لا يحدث أي «تماس كهربائي» وتقع الكارثة بين المجلس والحكومة، وليس بسبب الإهمال وتهالك المحطات أو التقصير في أعمال الصيانة مثلا، هذا إذا ما افترضنا حسن النية لأن الاختبار الحقيقي الذي ستواجهه الوزارة موعده فصل الصيف والذي سيتخلله شهر رمضان المبارك وليس في هذه الأيام الباردة نسبيا.
الغريب في الأمر أن المياه انقطعت عن الانقطاع في الفترة السابقة ولا نعلم ما الذي جعل الوزارة تتذكر هذا الأمر مجددا؟ ربما تلك المعلومة وبما أننا نتحدث عن مياهنا في الكويت، فهي فرصة لطرح ذلك التساؤل أو سرد تلك الحادثة، لا فرق، المهم النتيجة، ففي شهر ديسمبر الماضي شاءت إرادة الخالق أن ألتقي مع أحد الخبراء العاملين في شركة عالمية حضر إلى البلاد لتقييم محطات التحلية فيها، فدعوته وصديقا لي كان يرافقه إلى تناول العشاء في مطعم أحد الفنادق المطلة على البحر، ووجدتها فرصة لأسأله عن أمر حيرني طويلا وهو لماذا تتحسن البشرة عندما نغادر الكويت وتنتهي جميع مشاكلنا كالاكزيما على سبيل المثال وتعاود الظهور عند العودة للبلاد علما أن تلك المشاكل لم تكن موجودة قبل الاحتلال العراقي الغاشم؟ وكخبير أوروبي يجيد فن التفاوض ولا يقبل بالتنازلات اشترط علي أن أجيبه على ثلاثة أسئلة مقابل إجابته على سؤالي هذا، وطبعا أنا كمفاوض عربي يجيد فن التنازلات ومن دون تردد قبلت على الفور، فقال: يا سيدي أنتم تقومون بعملية تحلية مياه البحر بعد تقطيرها، قلت له: قديمة لا تتفلسف أعرفها من الصف الأول متوسط، فقال: اصبر، فبعد التقطير تضاف مواد بنسب معينة إلى الماء كالكلور على سبيل المثال وعادة ما تكون هنالك أجهزة قياس خاصة بنسب تلك المواد حتى لا ترتفع عن الحد المسموح به وتؤثر على تركيبته، وأحد الأسباب الرئيسية في مشاكل البشرة لديكم هو أن أجهزة القياس هذه تالفة منذ زمن طويل وعليه فإن الكميات التي تضاف إلى الماء تكون تقديرية حسب الخبرة قد تنقص وقد تزيد، والآن دورك لتجيب، فقلت له اسأل فقال: متى تحررت بلادكم من الاحتلال العراقي؟ ضحكت وقلت في نفسي ما أغباه، فأجبته منذ ثمانية عشر عاما، فسأل سؤاله الثاني: إذا لماذا لاتزال محطاتكم متهالكة وكأن الجيش العراقي اندحر منذ ساعات قليلة؟ بصراحة، صدمت وتلعثمت وأنا أفكر في إجابة إلى أن قاطعني قائلا: لا بأس، أجب على سؤالي الأخير لأنه الأهم بالنسبة لي وحيرني كثيرا في تعاملاتي في معظم بلدانكم، قلت: وما هو؟ قال: لماذا أنتم يا العرب عندما تتفاوضون لشراء شيء ما تطلبون أعلى المواصفات التي لا تحتاجون إلى ربعها وتتمسكون بأدق التفاصيل وحين تحصلون عليه لا تعيرون له اهتماما وفي أحسن الظروف تضعونه في المخازن، فأجبته قائلا: ما رأيك بعمل جولة على البوفيه.
برجس البرجس: برجس البرجس أو بوأحمد كما يناديه الكثيرون من المترددين عليه في محله ووالده الكريم العم أحمد البرجس جسّدا نموذجا أصيلا للكرم الكويتي وحب أهله إلى عمل الخير، فالأخ برجس كان يعاني الأمرين من آلام الظهر (الدسك) ولم يترك بابا للعلاج إلا وطرقه دونما فائدة تذكر، إلى أن دله الله على أحد المعالجين بالطب البديل أو الأعشاب في إحدى الدول العربية، ليكتب الله له الشفاء على يديه، فقام بعدها برجس ووالده الكريم بشراء تلك العشبة وتوزيعها مجانا على كل من يحتاج لها محتسبين الأجر والثواب عند الله، لم يقتصر الأمر على الكويت فقط بل امتد ليشمل بعض دول الخليج وأقطارا عربية أخرى، نعم التجارة تلك وجعلها الله في ميزان عملكما.