قبل بضعة أشهر رزقني الخالق عز وجل بولد أسميته حرمل تيمنا باسم شقيقي الأكبر وكل من جدي الأول والرابع، إلى هنا الأمر عادي بالنسبة لي على الأقل، بيد أنه لم يكن كذلك لمن هم من حولي سواء داخل نطاق العمل أو خارجه، فثارت ثائرتهم وكأنني خرجت من الملة أو كفرت بما أنزل على محمد، ولوهلة ظننت أنهم سيقيمون الحد علي تعزيرا لما اقترفت من خطيئة ضمن منظورهم الذي يقضي بأن تكون الأسماء ضمن إطار معين مثل احمد وخالد ووليد وحبذا لو كانت مما حمد وعبد ويجب ألا تخرج عن ذلك وإلا فالويل لك والثبور، أما من منظوري الخاص والمتواضع والذي يعتبرونه «دقة قديمة» وعفى عليه الزمن، فإني أرى فيه حفاظا على الهوية وتقوية صلة الرحم بين جيل وآخر، خاصة إذا كان هناك أشخاص جديرون بألا ينسوا، وأيضا حتى لا تكون أسماؤنا بعد فترة من الزمن متشابهة ولا نستطيع التمييز بينها كما هو الحال حينما تحاول اكتشاف الاختلافات بين شخصين من الجنسية الكورية أو الصينية.
في بقية دول الخليج على وجه الخصوص والدول العربية على وجه العموم تجد أن الاسم لا يشكل عائقا أو حجر عثرة في طريق حامله بعكس ما هو ملاحظ هنا في الكويت لدرجة أنه يكاد يكون صناعة محلية مما يدل على وجود ظاهرة سلبية لدينا على الصعيد الاجتماعي، ولا يعني ذلك أن يكون الباب مشرعا على مصراعيه بحيث تكون هناك أسماء بذيئة تتعارض مع الدين والعادات والذوق العام.
على الصعيد الشخصي ومن واقع تجارب عدة أجد أن معظم من حمل اسما فريدا يتمتع بشخصية قوية لسنا في معرض تفصيلها في هذا المقال، ولكن الغريب في الأمر أن الناس أصحاب ما ألفوا وأعداء ما جهلوا، فالحرمل على سبيل المثال هو اسم لنبات متعدد الفوائد ومعروف لدى العرب والعجم ومع ذلك تجد هناك من يعارض التسمية به، في حين يقبل الناس على أسماء مثل فهد وصقر وذيب ونمر وغيرها على الرغم من كونها أسماء لحيوانات، وفي رأيي أن النبات أرقى من الحيوان وإذ كان للحيوان صفات فالنبات له أيضا صفات، ولكن هذا ما جرى العرف عليه، شأنهم بذلك شأن من قال هذا ما وجدنا آباءنا وأجدادنا عليه في هذا الصدد.
إحدى وجهات النظر المعارضة دفعت بأن تلك الأسماء قديمة وأنه يجب ألا نكررها ولم تعد تصلح لزماننا هذا، أخشى ما أخشاه هو أن يأتي زمان تكون فيه جميع أسمائنا غير صالحة وقد نضطر إلى استبدالها بجورج ومايكل وتوني حتى تكون ملائمة، وفي رأيي إن كان الاسم لا يصلح أن يكون في بداية اسمك فإنه حري بك أن تزيله من نهايته، فإن كنتم تخجلون من أسمائكم فنحن نعتز بأسمائنا.
[email protected]