سعد الحرمل
في خطـوة حكيــمــة وبشكـل راق أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك اعتزاله الحياة السياسـية باختيـاره وبمحض إرادته تاركا كـرسي الرئاسة ومـا يلفه من جـاه وسطوة بعـد ان نقش اسـمـه بحـروف من الذهب في قلوب شعبه الذي أحبه ولايزال، نعلم جميعا ان النفس البـشـرية قـد جـبلـت على الطمع وحب الوجاهة، وقد يزداد الأمر سوءا ان يتم ترويضها والسيطرة عـليها، ونعلم ايضا أن الإنسـان هو الـذي يشـرف المنصب بعــمله وليس العكس كمـا هو واقع الحال في بلادنا العربية، كل ذلك جـميل ولكن الأجمل من ذلك حين يتنازل المرء عن منصبـه وهو في القمة، وهو ما فـعله الرئيس الفرنسي جاك شـيراك والذي لم ينتظر حـتى يمله شـعـبه ويثـور عليه أو الى ان يتم سحبه من حفرة مثلا، ولم يفكر ايضا في تـعديل الدستـور لإطالة مدته أو التفكير في عملية التوريث بعد مماته.
ذلك الموقف، اي إعـلان شـيـراك، ذكـرني بموقـف حـــدث لي فـي العــــام 2000 في جمهورية ألمانيـا الاتحادية، حين كنت جالسا في بهو فندق صـغير في مدينة شـتوتغارت، حيث كان موظف الاستـقبال المناوب ليلا من
احـد العـرب المغتـربين، كنا قـد تعـرفنا الى بعض خلال فترة اقامـتي، اقترب مني وبيده جريدة لم أنتبه لها، فـوجدني أتصفح جريدة الوطن الكويتية التي كانت تصل الينا مكونة من 16 صفـحة، وجلس بجانـبي بعد ان ألقى التحية ثم بادرني قـائلا: هذه جريدة المثقفين العرب، يقصد تلك التي بين يديه، نظرت اليها واذا هي جــريدة «القــدس الـعـربـي» التي يرأسها الإعلامي المأجـور عبدالباري عطوان، فـقلت له: هذه جــريدة الأغـبـيـاء العـرب، يقرأونهـا فيـزدادون غبـاء، ولو كان لك ذرة عقل لسألت نفـسك: كيف يمكن لصاحب هذه الجريدة ان يغطي تكاليـفها وانت لا تــــرى إعلانا تجـاريا واحدا موجـــــودا بها إلا اذا كـان شـخـصـا مـأجورا؟ جـلـــس يتـأمل الجريدة ويقلـب صفحـاتها وهو صـامت يهز رأسه.
اخيرا لا نملك سوى ان نقول: أحرجتهم يا جـاك ولـكن لا تتـراجع وتفــشلنا وتعــمل تمثــيلية مثل مـا فشلنا الرئيس اليمني علي عبدالله صـالح حين أعلن اعتزاله ثم رجع في كلامه.