سعد الحرمل
«الميـه يااللي تحت مـاتـخلوا عندكـوا شـوية دم»، مشـهـد اعتـدنا على رؤيتـه بالأفـلام المصـرية حين تكون هناك أزمـة مياه وتـنقطع عن ساكني الأدوار العلوية بعــد أن يسـتــهلكهـا مـن يسكن الأدوار السـفليـة وتنفـد قـبـل أن تكمل طريقـهـا للأعلى، كل ذلك تذكرناه بعد أن تكرر ذلك المشهـد كثيـرا لدينا هنا في الكويت بشكل أو بآخر، فمعظمنا في الكويت لا يسكن في عمارات سكنيـة بل في بيوت بالكاد يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أدوار عـلى أكثر تقدير، ومع ذلك فـإننا نـشـتكي من أزمـة مـيـاه مـتكررة منذ سنوات عـدة أخذت تـتفـاقم تدريجيـا، بينما نحن نصـدر المياه شـمالا وشــمـالا أيضــا.
وبالرغم من الوعــود والتـصــريحـات التـي يطلقـهــا الوزير المختص دائمـا بأن الأزمــة لن تتكرر، إلا أنها جمـيـعا تبـخـرت مع قرب الصـيف لتنقلب إلى تهديد بصيف قائظ وانه يجب التكيـف مع تلك الظروف، حــيث قــامت الوزارة بقطع الماء عن مناطق مخـتلفة من الكويت بشكل مبـرمج أو عشوائي، لا يهم المهم أن المتضرر في ذلك كله هم المواطنون (الغلابة) لا الوزير ولا من يدور في فلكه.
مشهد آخـر أصبح مألوفا هذه الأيام مع وجود هذه الأزمة كنا قد نسيناه منذ ثلاثة عـقـود من الزمـان تـقـريبـا، وهو عـودة سـيارات بيع الميـاه (التناكر) وظهـورها مــجـددا بين المـنازل، ويبــدو من ذلك أن الوزارة أبت إلا أن تقوم بتـذكير المواطنين بصــور من التــراث عن الكويت قــديما، ونحمـد الله أن الأمر توقف عنـد ذلك الحد ولكن أخـشى ما أخـشـاه أن تفكر الوزارة في تذكـيـرنا بكويـت مـا قـبل النفط، مع العلم بأن سعـر صهـريج المياه وصل الى عشـرة دنانير بعـد أن كان بأربعـة فقط. الله يسـتـر سـاعـتـها بنـغني «العن أبو القطار لابو حركاته».
وهناك أمـر جـدير بالتـقـدير، وهو فك الارتبـــاط بين وزارة الكـهــربـاء والماء ووزارة النفط ليـصبح لـكل منهمـا وزير مسـتقل كـما هو بالسـابق وذلك ليتـمكن الوزير المختص من متابعة شؤون وزارته حيث أثبتت التجارب السابقة أنه لا يوجد وزير «سوبر» يسـتطيع تحقـيق التوازن في وزارتين، وحتى يتفـرغ وزير الكهرباء والماء لمواجـهة فـصل الصـيف المقبل ومـا يحـمله من أزمـات مـائيـة أو كـهـربيـة، وساعتـها سيقـول المواطنون: الميه يااللي فوق!
خـاصة لأولئك الذيـن يعيشـون في بروج عالية عن هموم المواطنين.