سعد الحرمل
هو نجم سطع بقوة في سماء الجريمة وتصدر أخبارها، هذا إن لم يكن النجم الأوحد والأول على قائمة المجرمين متفوقا على أقرانه من الجنسيات الأخرى.
ونحن هنا لا نقصد النمر البنغالي بل نتحدث عن ذلك العامل الذي تراه فينكسر خاطرك ويرق قلبك رحمة به، لتبادر بمد يدك الى جيبك لتتصدق عليه دونما تردد.
فهو، أي البنغالي، يتقن جميع انواع الاستعباط ويتفنن به ليجعلك تعتقد بأنه لا يفقه شيئا بينما هو في واقع الأمر الأكثر دهاء وخبثا مقارنة بالآخرين، زد على ذلك انه لا يرفض أي عمل يوكل اليه مادام هناك دخل متوقع سيأتي من تحت الطاولة بغض النظر عن شرعية ذلك العمل من عدمه.
كما انه لا يهاب رجال الشرطة ويأتي احترام القانون وهيبته في آخر اولوياته، بل تجده حين يلقى القبض عليه يحاول تقديم الرشاوى وبمبالغ تكون كبيرة خاصة من يعمل منهم في مجال أقدم مهنة بالتاريخ بالاضافة للمخدرات وبالأخــص المجال الاول فهم المسيطرون على هذا القطاع والأمثلة كثيرة.
أما حين تمعن النظر بالمهن الاخرى كالعمل في المستشفيات على سبيل المثال فعندما تدخل من باب الحوادث تجد اول من يستقبلك هو العامل البنغالي دافعا العربة ليقلك بها الى الجناح بعد دخولك ليتحول الى مراسل حينما يحتاج الامر لذلك، ومسعف ان لزم الأمر، خاصة عند نقل المريض حيث رأيت بأم عيني العامل البنغالي يساعد بنقل المريض من والى غرفة العمليات بطريقــة (123 هوب) ويــا ســلام لو كــان ذلك المريض مصـابا بعموده الفقري (راح ملح).
وقد يصبح البنغــالي أيضــا ممرضــا عـند الحاجة حيـث يروي لي أحد الاصدقاء قصته بعــد ان أقسم على ذلك بأن العامل البنغــالي هو الذي أزال له الحقنة الموجودة في ذراعه والمخصصة لحقنه بالمحلول الوريــدي لدى خروجه من غرفـة الملاحظة.
أما أنا فقد قام البنغالي بصرف الدواء لي في احدى المرات بعد أن قرأت له الصيدلانية الوصفة وقد كان ذلك بمستشفى القوات المسلحة.
من مميزات البنغالي أيضا انه يقدم لك تقريرا مفصلا لكل مكان يعمل به مع أدق التفاصيل بل ويقوم بالتغطية على زملائه وزميلاته من الكويتيين اثناء فترة غيابهم عن العمل، واذا كانت لديك معاملة في اية وزارة فلا تبحث عن واسطة او أحد معارفك لانها لــن تنجز.
ولكن ابحث عن أقرب بنغالي تراه واشرح له معاملتك ودس في جيبه (ادهن سيره) ما تجود به نفسك «على حسب المعاملة» لتجده قد انجزها لك خلال وقــت قياسي مع الرسوم والطــوابـع التي لــم تدفــع مــن قيمتهــا شيئــا.
هناك مشهد مضحك تكرر معي عدة مرات فحين أتوجه لعملي صباحا أجد عامل النظافة البنغالي والذي ما ان يراني يقوم بتنظيف الساحة بجد واجتهاد ليتسبب بعاصفة ترابية هوجاء تجعلني أعطيه المقسوم قبل أن يدفن سيارتي.
من الأمور التي لا أعلم ان كانت مضحكة أم محزنة أن احد البنغاليين حين تم القبض عليه في قضية إدارة بيوت للدعارة عرض على رجال الشرطة مبلغ عشرة آلاف دينار لكي يتركوه، وآخر يقول لاصحابه الذين حضروا معه لتوديعه عند الترحيل لا تقلقوا كلها ايام وأعود اليكم كما ان جهازي النقال (الكويتي) سيظل مفتوحا اذا لزم الامر اتصلوا بي.
يعني الحبيب يدير اعماله بالنقال، ومشاهد اخرى كثيرة مشابهة او أشد سوءا مع هذه الفئة؟ اذا فالبنغالي عبارة عن مخلـوق لا تملـك سـوى أن تقف أمامه ولكـن لا أدري احترامـا أم احتجـاجـا. فهل نقف احتراما له لقدرته الفائقة على التكيف مع أصعب الظروف وأحلكها ومهاراته المتعددة في التعامل معها؟
ام نقف أمامه احتجاجا على ممارساته وأساليبه غير القانونية في كل مكان يتواجد به، ولماذا لايزالــون مــوجوديـن بكثـرة في البلاد بالرغـم مـن صـدور قرار سابـق بمنـع استقـدامهـم ؟!