أسراب الجراد تفد مع رياح الجنوب من قارة افريقيا الى شبه جزيرة العرب، ونصيبنا منه وافر، حتى ان كثافته تحجب عنا ضوء الشمس، يطير بالنهار ويدب على الارض ليلا، والبعض منه يحط على البحر فتتقاذفه الامواج حتى يشكل حاجزا على الساحل، اصطياده ليلا وقد تحفر له الخنادق لسهولة جمعه وملأ الاكياس منه ويباع عادة في ساحة الصفاة، يفرغ من الاكياس في قدر كبير ويسلق بالماء والملح ونأكله بنهم شديد رغم ما يشوبه من الاعشاب او حتى العقارب، وهو لذيذ الطعم، لاسيما الاناث المسماة «مكنة»، وهي مليئة بالبيض، اما الذكر ويسمى «العصفور»، فلا طعم له واذا كان المحصول وفيرا فإننا ندخره لبعض المواسم الاخرى.
بعض الاولاد يشكون الجراد في عود طويل ثم يشوونه على النار، ثم لا نلبث ان تزحف علينا جموع «الدبا» وهي صغار الجراد بعد تفريخها فتأتي على الاخضر واليابس وتملأ البحر وتقض مضاجعنا وتنتن منها الآبار وينفض الاطفال ثيابهم منها وهم يصرخون ولا نملك لردعها سبيلا حتى يأتينا الفرج ويكشف الله عنا البلاء.