صالح النغيمش
إن ما حصل في مستشفى العدان من أخطاء طبية أمر طبيعي جدا والحديث عن فتح تحقيق في هذا الجانب كلام «مأخوذ خيره» ولن نجني منه سوى لفت النظر لهذا الدكتور وحثه على عدم تكرار ما حدث، وهذه كارثة أخرى تلد كوارث دون أن نحرك ساكنا والعمل يجب أن يكون موسعا وتحل المشاكل من جميع أطرافها بعناية وتركيز.. والأمر الذي اثاره الطبيب الكندري وزميله المصري ليس بغريب على أحد والجميع يعرف ما يحدث بمستشفى العدان الذي يسمى عند أهالي المنطقة بمستشفى «الإعدام» وهذه التسمية مر عليها أكثر من عشرين عاما نتيجة كثرة الموتى في هذا المستشفى لكن الاعترافات الطبية ما هي إلا عملية «كي نفسي» حتى يكون آخر العلاج للمسؤولين في وزارة الصحة للانتباه والإسراع في حل المشكلة، لكننا نحيي الطبيبين الكندري وزميله المصري على هذا الاعتراف الذي سيحرك المياه الراكدة، ونود ان نقول للطيب المصري «كثر الله من أمثالك» ولن يستطيع أحد مس شعرة منك لأن هناك من سيذود عنك من أعضاء مجلس الأمة ومسؤولين أحسوا بك وأنت تدلي باعترافاتك لتلفزيون الوطن، حيث كنت تتكلم وفي فمك غصة.
وإذا عدنا للحديث عن تلك الأخطاء في هذا المستشفى فسنجدها طبيعية لكثرة المراجعين الذين يصلون إلى حوالي ربع مليون نسمة وأكثر، فكيف للطبيب أن يبدع او يزداد علما أو يتعلم من زميله صاحب الخبرة الطويلة فالمسألة في مستشفى العدان مغايرة تماما لأن الطبيب في استنفار مستمر والعلاج لابد أن يكون سريعا جدا لأن هناك طوابير تدعوك لإجراء عملية ولا عليك سوى أن تجريها وتتعلم في هؤلاء المرضى وأنت وحظك، ناهيك عن الصراعات داخل المستشفى للحصول على رئاسة قسم أو مسمى خاص كاستشاري وغيره، وبكل بساطة أرى أن الضغط العملي والتعدد المرضي للمراجعين لا يجعل للطبيب فرصة لكي يحك رأسه فينعكس عليه سلبيا ويحدث ما لا تحمد عقباه.
إن جهود المتحمسين تكمن في بناء مستشفيات جديدة تخفف العبء عن هذا المستشفى المتهالك الذي شرب الدهر عليه وأكل وهذا الأمر ليس فيه من الصعوبة شيء إلا إذا كانت وزارة الصحة لا ترغب في بناء مستشفى جديد وهذا الأمر غريب جدا وأنا لا اعتقد ذلك.
اتصلت على أحد الاصدقاء وهو طبيب بنفس المستشفى وسألته عن الكارثة فضحك وقال «قول كوارث» فلم أكترث لما قال ولم أعلق على حسرته، وباغته بسؤال مباشر لماذا لا يتم بناء مستشفى آخر فقال «الجماعة» ما يبون مع أن تشييده لا يكلف أكثر من 150 مليون دينار بكلفة الأجهزة الطبية عالية الجودة والأسرّة وكامل المحتويات من سيارات الإسعاف حتى دواء الكحة، وزاد الصديق مكملا يا أخي إذا هذا المبلغ لا يستطيعون توفيره فلديهم التأمين الصحي الذي تتجاوز ايراداته مئات الملايين وتذهب سدى لكن ماذا نقول «لا حياة لمن تنادي» وإذا تكلمنا قالوا لنا «خلص دوامك ورد البيت».
هذا الكلام من الصديق خطير جدا وعلى النواب التحرك الحقيقي لحل هذه المشكلة التي إن تركت فستكون مشروع ثقافة فساد صحي تنتشر في باقي المستشفيات بالدولة، لذلك لابد من مقابلة وزير الصحة والتحدث له بصدق دون البحث عن البطولة الإعلامية في هذا الجانب وإمهاله فترة زمنية بسيطة للانطلاق في بناء مستشفى آخر يخفف العبء عن مستشفى العدان وهذا أقل ما يقومون به تجاه وطنهم وشعبهم بعد أن فقدنا الأمل في مؤسسات الدولة لبناء مستشفى يكون هدية منهم لأبناء وطنهم والتقليل من البذخ في أمور جانبية مثل الهدايا السنوية والسيارات التي ستتبدل كل عام والمؤتمرات التي تكلفهم الملايين والانتباه لعقد صفقات شراكة من هنا وهناك ـ أليس الاهتمام بصحة المواطن أفضل بكثير من عقد أي صفقة أخرى؟ الجميع يأمل التحرك الواسع ويأمل خيرا في كل الشرفاء بهذا الوطن.