صالح الشايجي
أجمل ما نستعيده من ذكرى، ما كنا نعتقد انه مر. . يوم الاثنين 5/6/. .1967 أربعون عــامـا، هل ترونهـا أعواما كثيرة؟!
أفقت صبـاحا. . توجهت إلى عملي كمـذيع في إذاعة الكويت، كان الوقت ضحى، في موجز أنباء الساعة العاشرة «حرب قامت».
الجـمـيع منتـشـون فـرحـون طربون، بـدأ توزيع المشـروبات والحلويات، ابتهاجا بقيام الحرب.
لقـد وعـدنا «الزعـيم الخـالد» جمـال عبد الناصر، أن «دويلة العصابات الصهيونية» هباء. . وفـقاعة سوف ينفخ عليها لتتطاير وتذهب سدى. . لذلك كنا فرحين.
عقدنا العزم ـ أو أكثرنا عقد العزم ـ على أن يقضي صيفه ذاك في «ربوع فلسطين».
جـاء زمـلاء قـدمـاء كـانوا اعـتـزلـوا «المايكروفـون» الإذاعي، ليشاركوا في صناعة «النصر». .
وهلت البـيانات تبـشـر بالنصر. . بتنـا على مشـارف فلسطين، طائراتنا تقـصف. . ودباباتنا تدك. . وجنودنا يرقـصون من نشـوة النصر.
نحن المذيعين «الأبطال» أيضا لم نكن مقـصريـن أو متخـاذلين، فكنا نصنع نصـر الكلام وكنا نضيف للبيـانات العسكرية أشعارا وجملا وآيات وأحاديث لشحن النفوس بشحنات النصر.
اسـتديو الموسـيـقى في الإذاعة القـديمة، كـان يساهم أيضا بـ «النصـر»، أغان فـورية وطازجة وحـارة تؤلف وتلحن وتغنى في الحال لتخـرج طازجة من «الاستديو» إلى الهواء ليسمعـها الناس ولتحمل «البشارة».
اذكر في ثاني أيام المعركة قدمت القرآن الكريم بـ «كلمة الحق في يوم الحق».
الشهيـد «فايق عبدالجليل» كان يجـري تحقيقا لإحدى مجلات ذلك الزمـان واحــسـبـهـا «أضواء الكويت» يأخـذ فــيـه آراءنا ومشــاريعنا المسـتقبلية بعـد «النصر»، إحدى الزميـلات قالت له سأحتفل العـام المقبل بزواجي على ارض فلسطين. . ودعتنا إلى ذلك الحفل.
الزمــيلة لم ترتد ثوب الزفــاف الأبيض لا في فلـسطين ولا في بلادها الكويت!
أربعون عـاما مـضت، الفارق الوحـيد بين تلك الهـزيمة وهزائم اليوم، أننا بتـنا نترحم على هزيمة «67» لان هزائمنا اليـوم صارت هزائم يومية وميادينهـا في عواصمنا لا على حدود دول الطوق ولا على ارض فلسطين! لقـد انتقلت فلسطين إلى نـهر البارد والفـلوجة والدار البيضاء و. . . و. . . !