قد أبدو في نظر بعض من يتابعون كتاباتي، أنني من العازفين على وتر واحد، لا تتغير نغماته، أو ان تغيرت فهي مازالت تنوح بالموال ذاته!
قد يبدو مثل هذا الاستنتاج يحمل قدرا من الصحة، اذا ما افترض هذا البعض ان اساسات البناء يجب ان تتغير بين مبنى وآخر، وان لا قاعدة موحدة للبناء! وانا في الوتر الذي اعزف عليه، ارى انني متوحد في الاساس، متغير او متجدد في البناء، وهذا ما اتمنى وجوب توافره، لدى كل صاحب رأي او كاتب.
ما يجب ان نجعله اساسا ننطلق منه فيما نبديه من آراء، سواء مكتوبة او منطوقة، هو العمق في التناول، وكذلك التوازن بين القضايا المطروحة للنقاش، فلا يجوز مثلا، ان يكون لنا رأيان متضادان في القضية الواحدة، وبحسب بطل هذه القضية، سواء كان فردا او جهة.
طفت في الاسابيع الاخيرة على سطح حياتنا السياسية، قضيتان متوحدتان في النتيجة، مختلفتان في التفاصيل، الاولى هي قضية «خالد المريخي» الذي تنازل عن جنسيته الكويتية (اعلاميا)، والثانية تصريح احد اعضاء مجلس الامة والذي اعلن فيه كامل الولاء لمرشد الثورة الايرانية.
وان كانت القضية الاولى قد طغت اعلاميا واحتلت مساحة كبيرة من اهتمام الرأي العام وابدى الكثيرون آراءهم حولها، وكانت معظمها طاعنة في «المريخي» فإن القضية الثانية وهي الاخطر لم يمر حولها احد من حملة سيوف الوطنية، ولم تحرك لسانا واحدا هاجعا في جوف حلقه، ولم تهز جذع شجرة الصمت، لتسقط عليها قلما وطنيا!
«المريخي» مواطن بالتجنيس ويحمل جنسية اخرى، وتنازله عن جنسيته الكويتية ليس محل لوم وتقريع ورجم وقصف، بل ذلك ما استحقه كلامه المرافق لذلك التنازل الاعلامي، والذي بدا فيه قاصرا في فهمه وضميره وحسه الانساني، ومثله في ذلك كثر حتى من هم مواطنون بالتأسيس لا بالتجنيس!
أما قضية عضو مجلس الامة، فهي التي يجب ان تستفزنا وتستفز حتى عظام اجدادنا في قبورهم، وعظام شهدائنا الذين ماتوا من اجل وطن، دون ان يربطوا موتهم بهوية قاتلهم، فان كان من هذا الفصيل، ألقوا اسلحتهم وربما صاروا «رغاليين» يقودون قوافل الغزاة، اما ان كان من فصيل آخر، استعرت نار الوطنية في صدورهم، فراحوا يصولون ويجولون في سوح الوغى، يبغون احدى الحسنيين، النصر او الشهادة!
ان تصريح عضو مجلس الامة ذاك هو ازدواجية ولاء واضحة لا لبس فيها وليست في حاجة الى شرح، ولا تحتمل تفسيرين، ولا تعرب على وجهين، مهما اجتهد التبريريون، والحاصدون في الارض السبخة!
ما اردت بلوغه من مقالتي هذه، هو وجوب توحيد النظرة للقضية الواحدة، بعيدا عن هوية بطل هذه القضية، ومدى قربه او بعده عنا، هذا لو اننا فعلا اصحاب رأي لا مجرد مسودين لصفحات بيضاء بحبر مغشوش.
[email protected]